المقصود بالحمى التي نقلها من المدينة إلى الجحفة هي تلك التي تكون وباء وليست الحمى العادية (١) ، فإن المتوقع هو : أن يكون أهل تلك البلاد قد بادوا على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، ولكان الناس قد هجروا تلك البلاد ، وتوقف كل أهل الأرض عن الدخول إليها ، ولأصبح بنيانها خرابا ، وبيوتها يبابا ..
٧ ـ بل إن اللازم هو : أن يبتلى بالحمى كل أولئك الذين يحرمون من الجحفة ، وأن يفتك ذلك الوباء بالحجاج على مر الأزمان .. ولكان الناس قد امتنعوا عن المرور من ذلك الميقات وحولوا قوافلهم إلى سواه ، ولشاع ذلك وذاع في جميع البلاد والأصقاع ..
ولجاء السؤال المحرج عن السبب في اعتبار هذه البقعة بالذات من المواقيت ، فهل المراد التسبيب لابتلاء الناس بالأمراض ، والأوبئة المهلكة؟
٨ ـ إن النبي «صلى الله عليه وآله» وتسعين ألفا من المسلمين ، أو أكثر من ذلك ، قد جاؤوا إلى غدير خم بعد حجة الوداع ، حيث نصب «صلى الله عليه وآله» عليا «عليه السلام» إماما ومولى للمسلمين ، ولم نسمع أن أحدا من هؤلاء أصيب بالوباء ، ولا حتى بالحمى.
وعلى كل حال ، فإن من الواضح : أنهم إنما يريدون برواياتهم هذه توهين هذا الموقع ، ليوهنوا هذه الواقعة ، أعني واقعة الغدير ، حيث نصب النبي «صلى الله عليه وآله» عليا «عليه السلام» إماما للناس.
٩ ـ وعن المرأة التي أتي بها إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة دعائه
__________________
(١) وفاء الوفاء ج ١ ص ٦٦ وراجع ص ٦٠ و ٦١.