وقال ابن حجر : «الجمهور على أنه هو مسجد قباء ، لقوله تعالى في الآية : (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) يقتضي : أنه مسجد قباء ، لأن تأسيسه كان من أول يوم وصل فيه «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة ، وقوله في بقية الآية (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) يؤكد أن المسجد مسجد قباء».
قال الداودي وغيره : إن هذا ليس خلافا ، فإن كلا منهما أسس على التقوى (١) ..
والذي نقوله :
أولا : قد يقال : ليس المقصود بالضرار هو الضرار بمسجد آخر بتقليل رواده لكي يقال : إن المقصود بالآية : أنه قد أضر بمسجد قباء ، أو بمسجد المدينة ، بل المقصود هو أن هذا المسجد قد أنشئ بهدف الإضرار بأهل الإسلام ، وبدعوة أهل الإيمان ..
ثانيا : قد صرح النص المتقدم بما يدل على أن مقصود المنافقين من بناء مسجد الضرار هو : أن لا يحضروا خلف محمد «صلى الله عليه وآله» ، وهذا يرجح : أن مرادهم هو الإستغناء عن الحضور في مسجد النبي «صلى الله عليه وآله» ، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» ـ إذا كان حاضرا بالمدينة ـ فهو الذي يصلي في مسجدها غالبا لا في مسجد قباء ..
ثالثا : إنه يظهر من بعضهم : أن المراد بقوله : (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٧١ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٤ ص ١٠٠.