ويؤيد شراكة عمر في هذا الأمر : أن بعض الروايات قد صرحت : بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عرض حمل الكتاب إلى المشركين على جميع أصحابه فكلهم تثاقل عن حمله ، والمضي به إلى مكة ، فندب منهم رجلا فوجهه به (١).
وهذا معناه : أن عمر كان ممن تثاقل أيضا .. وقد كان تثاقل الناس هذا هو السبب في أنه «صلى الله عليه وآله» قد فرض حمل الكتاب إلى مكة على رجل بعينه!!.
وبذلك يكون حال عمر كحال أبي بكر في جميع ما يترتب على إرجاع النبي «صلى الله عليه وآله» لأبي بكر من آثار ، وما يمكن أن يكون له من دلالات ..
وفي مقابل ذلك نلاحظ : أن بعض الروايات تذكر : أن عمار بن ياسر هو الذي رافق عليا «عليه السلام» إلى مكة ، ولعل عدم ذكر عمر وعمار في غالب الروايات قد جاء اكتفاء بذكر من هو أهم منهما ، فذكر علي «عليه السلام» يكفي عن ذكر عمار ، كما أن ذكر أبي بكر يغني عن ذكر عمر ، لا سيما وأن عمر يستمد شرعية حكومته من شرعية حكومة أبي بكر ، لأنه تلقاها منه بوصية كتبها.
ولعل عمر كان أيضا مرغما على الذهاب معه ، فإنه لم يكن ليجازف بنفسه مختارا ، وقد سبق أن امتنع عمر عن امتثال أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالذهاب إلى مكة ليبلغ أشراف قريش بما جاء له في غزوة
__________________
(١) الخصال ج ٢ ص ٣٦٩ والبحار ج ٣٥ ص ٢٨٦ وج ٣٨ ص ١٧٢.