قيل : ها هو ذا.
قال : فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه ، فناولته كتابي ، فوضعه في حجره ، ثم قال : «ممن أنت»؟
فقلت : أنا أخو (أحد) تنوخ.
فقال : «هل لك في الإسلام ، الحنيفية ، ملة أبيك إبراهيم»؟
فقلت : إني رسول قوم ، وعلى دين قوم ، [لا أرجع عنه] حتى أرجع إليهم.
فضحك ، وقال : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(١).
يا أخا تنوخ ، إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه ، والله ممزقه وممزق ملكه ، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فمزقها ، والله ممزقه وممزق ملكه.
وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها ، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير.
قلت : هذه إحدى الثلاث ، التي أوصاني بها صاحبي ، فأخذت سهما من جعبتي ، فكتبتها في جفن سيفي.
ثم ناول الصحيفة رجلا عن يساره ، قلت : من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟
قالوا : معاوية.
فإذا في كتاب صاحبي : تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض
__________________
(١) الآية ٥٦ من سورة القصص.