وابنه معه ويريد أن يحذر الناس ، لا واللات والعزى حتى نقحم عليهم (١) بيثرب ، ونأخذهم أسارى فندخلهم مكة وتتسامع العرب بذلك ، ولا يكون بيننا وبين متجرنا أحد نكرهه. وبلغ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله كثرة القريش ففزعوا فزعا شديدا وشكوا وبكوا واستغاثوا فأنزل الله عزوجل على رسول الله صلىاللهعليهوآله (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) العزيز الحكيم فلما امسى قابل رسول الله صلىاللهعليهوآله وجنه الليل (٢) ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا ، وأنزل الله تبارك وتعالى عليهم السماء (٣) وكان نزول رسول الله صلىاللهعليهوآله في موضع لا يثبت فيه القدم ، فأنزل عليهم السماء ولبد الأرض (٤) حتى ثبتت أقدامهم وهو قول الله تعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) وذلك أن بعض أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله احتلم (وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) وكان المطر على قريش مثل العزالى (٥) وكان على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله رذاذا (٦) بقدر ما لبد الأرض وخافت قريش خوفا شديدا ، فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود فقال : ادخلا في القوم وأتونا بأخبارهم فكانا يجولان في عسكرهم فلا يرون الا خائفا ذعرا إذا سمعوا صهل الفرس وثبت على جحفلته (٧) فسمعوا منبه بن الحجاج يقول :
__________________
(١) اى نهجم عليهم.
(٢) جن عليه الليل وجنه : ستره وأظلم عليه.
(٣) السماء هنا بمعنى المطر. وفي المصدر «الماء» بدل «السماء».
(٤) التلبيد : الإلصاق.
(٥) العزالى جمع العزلاء : مصيب الماء من الراوية ، ومنه قولهم : أرخت السماء عزاليها.
(٦) الرذاذ. المطر الضعيف.
(٧) صهل الفرس : صوت. الجحفلة لذي الحافر كالشفة للإنسان.