قوله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) اما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا انه له وانه ابن الله ، وطائفة منهم قالوا : ثالث ثلثه ، وطائفة منهم قالوا : هو الله ، واما أحبارهم ورهبانهم فإنهم أطاعوا وأخذوا بقولهم واتبعوا ما امروهم به ، ودانوا بما دعوهم اليه ، فاتخذوهم أربابا بطاعتهم لهم وتركهم امر الله وكتبه ورسله (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) ، وما امر به الأحبار والرهبان اتبعوه وأطاعوهم وعصوا الله ورسوله ، وانما ذكر هذا في كتابنا لكي نتعظ بهم ، فعير الله تبارك وتعالى بنى إسرائيل بما صنعوا ، يقول الله تبارك وتعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ) وتعالى عما يشركون».
١١٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي «رحمهالله» عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل وفيه وقد بين الله تعالى قصص المغيرين بقوله : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) يعنى انهم اثبتوا في الكتاب ما لم يقله الله ليلبسوا على الخليقة فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه وحرفوا منه.
وفيه وجعل أهل الكتاب المقيمين به والعالمين بظاهره وباطنه من شجرة (أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها) اى يظهر مثل هذا العلم المحتملة في الوقت بعد الوقت وجعل أعداءها أهل الشجرة الملعونة الذين حاولوا إطفاء نور الله بأفواههم فأبى الله الا أن يتم نوره.
١١٨ ـ في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة «قدسسره» وروى محمد بن احمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان قال : ذكر على بن أبى حمزة (١) عند الرضا عليهالسلام فلعنه ، ثم قال : ان على بن أبى حمزة أراد ان لا يعبد الله في سمائه وأرضه ، (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ) المشركون ، ولو كره اللعين المشرك ، قلت : المشرك! قال : نعم والله وان رغم انفه كذلك هو في كتاب الله :
__________________
(١) هو على بن أبى حمزة سالم البطائنى من أصحاب الكاظم عليهالسلام ثم وقف بعد وفاته عليهالسلام وهو أحد عمد المواقفة ، ذكر ترجمته وما ورد في ذمه من الروايات الكثيرة وما يمكن ان يدفع به عنها وغير ذلك في تنقيح المقال فراجع.