ترك الباقي في سنبله لم يدسه ، فوضعها في الكناديج ، ففعل ذلك سبع سنين ، فلما جاء سنى الجدب (١) كان يخرج السنبل فيبيع بما شاء ، وكان بينه وبين أبيه ثمانية ـ عشر يوما وكان في بادية ، وكان الناس من الآفاق يخرجون الى مصر ليمتاروا طعاما (٢) وكان يعقوب وولده عليهمالسلام نزولا في بادية فيها مقل (٣) فأخذوا اخوة يوسف من ذلك المقل وحملوه الى مصر ليمتاروا به ، وكان يوسف عليهالسلام يتولى البيع بنفسه ، فلما دخل اخوته عليه عرفهم ولم يعرفوه كما حكى الله عزوجل (وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).
١١٢ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يحدث قال : لما فقد يعقوب يوسف عليهماالسلام اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى (ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ) ، واحتاج حاجة شديدة وتغيرت حاله ، قال وكان يمتار القمح (٤) من مصر في السنة مرتين في الشتاء والصيف وانه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة الى مصر مع رفقة خرجت فلما (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) وذلك بعد ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف ولم يعرفه اخوته لهيبة الملك وعزته فقال لهم : هلموا بضاعتكم قبل الرفاق وقال لفتيانه : عجلوا لهؤلاء الكيل وأوفوهم فاذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم ولا تعلموهم بذلك ففعلوا ثم قال لهم يوسف : قد بلغني ان لكم اخوان لأبيكم فما فعلا؟ قالوا : اما الكبير منهما فان الذئب اكله واما الصغير فخلفناه عند أبيه وهو به ضنين (٥) وعليه شفيق قال : فانى أحب ان تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتارون (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ) فتحوا متاعهم فوجدوا بضاعتهم فيه ، (قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا)
__________________
(١) الجدب : القحط.
(٢) امتار الطعام لعياله : أتاهم بميرة وهي طعام يمتاره الإنسان اى يجلبه من بلد الى بلد.
(٣) المقل : الكندر. وثمر لشجر الدوم ينضبح ويؤكل ، والدوم : شجرة تشبه النخلة في حالاتها.
(٤) القمح : البر.
(٥) الضنين : البخيل.