كل سبب وضع (١) في القرآن صفة على حدة. فقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) يقول : على الملك احتوى وهذا ملك الكيفوفية في الأشياء ، ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان وهما في الغيب مقرونان ، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والحمد والقدر والأين والمشية وصفة الارادة وعلم الألفاظ والحركات والترك وعلم العود والبدأ. فهما في العلم بابان مقرونان ، لان ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه اغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) اى صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان.
٤٣٧ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد «رحمهالله» قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن على بن اسمعيل عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابى الطفيل عن ابى جعفر عن على بن الحسين عليهمالسلام قال : ان الله عزوجل خلق العرش أرباعا لم يخلق قبله الا ثلثة أشياء الهواء والقلم والنور ، ثم خلقه من أنوار مختلفة فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ، ونور اصفر اصفرت منه الصفرة ، ونور أحمر احمرت منه الحمرة ، ونور ابيض وهو نور الأنوار ، ومنه ضوء النهار ، ثم جعله سبعين الف طبق ، غلظ كل طبق كأول العرش الى أسفل السافلين ليس من ذلك طبق الا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة ، والسنة غير مشتبهة ، ولو اذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمداين والحصون ، والخسف البحار ولأهلك ما دونه ، له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصى عددهم الا الله عزوجل ، (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) ، ولو حس شيء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه و
__________________
(١) وفي المصدر «وصنع» بدل «وضع».