التائبين الراغبين الى فيما عندي ، يا يعقوب انا راد إليك يوسف وأخاه ومعيد إليك ما ذهب من مالك ولحمك ودمك ، وراد إليك بصرك ومقوم لك ظهرك وطب نفسا وقر عينا ، وان الذي فعلته بك كان أدبا منى لك فاقبل أدبى.
قال : ومضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى (دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) في دار المملكة ، فقالوا : (أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بأخينا ابن يامين ، وهذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره يسئلك تخلية سبيله ، وان تمن به عليه ، قال : فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله ووضعه على عينيه وبكى وانتحب (١) حتى بلت دموعه القميص الذي عليه ، ثم أقبل عليهم فقال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ) من قبل وأخيه من بعد قالوا (إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا) فلا تفضحنا ولا تعاقبنا اليوم واغفر لنا (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ).
وفي رواية اخرى عن أبى بصير عن أبى جعفر عليهالسلام نحوه.
١٧٤ ـ عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابنا قال : لما قال اخوة يوسف : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ) قال : قال يوسف : لا صبر على ضر آل يعقوب ، فقال عند ذلك : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ) الآية.
١٧٥ ـ عن احمد بن محمد عن أبى الحسن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن قوله :
(وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قال المقل ، وفي هذه الرواية (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ) قال : كانت المقل (٢) وكانت بلادهم بلاد المقل وهي البضاعة.
قال مؤلف هذا الكتاب : قد سبق في تفسير العياشي عند قوله : (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) بيان لقوله عزوجل : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ)
١٧٦ ـ في مجمع البيان وفي كتاب النبوة بالإسناد عن الحسن بن محبوب عن اسمعيل الفراء عن طربال عن أبى عبد الله عليهالسلام في خبر طويل : ان يعقوب كتب الى
__________________
(١) انتحب : تنفس شديدا. بكى شديدا.
(٢) المقل : الكندر الذي تدخن به اليهود وحبه يجعل في الدواء ، وصمغ شجرة.