يهود وآذوه ، فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا ، وكان هود زارعا وكان يسقى الزرع ، فجاء القوم الى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء فقالت من أنتم؟ قالوا : نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا (١) فجئنا الى هود نسئله ان يدعو الله حتى نمطر وتخصب بلادنا ، فقالت : لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء ، قالوا : فأين هود؟ قالت : هو في موضع كذا وكذا ، فجاؤا اليه فقالوا : يا نبي الله أجدبت بلادنا ولم نمطر فسل الله أن تخصب بلادنا ونمطر فتهيأ للصلوة وصلى ودعا لهم ، فقال لهم : ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم فقالوا يا نبي الله انا رأينا عجبا قال : وما رأيتم؟ قالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء فقالت لنا من أنتم ومن تريدون؟ فقلنا : جئنا الى هود ليدعو الله لنا فنمطر فقالت : لو كان هود داعيا لدعا لنفسه فان زرعه قد احترق؟ فقال هود ذاك أهلي وانا أدعوا الله لها بطول البقاء فقالوا : وكيف ذلك؟ قال : لأنه ما خلق الله مؤمنا الا وله عدو يؤذيه وهي عدوتي فلان يكون عدوى ممن أملكه خير من ان يكون عدوى ممن يملكني ، فبقي هود في قومه يدعوهم الى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى تخصب بلادهم وانزل الله تعالى عليهم المطر وهو قوله عزوجل : (يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) فقالوا كما حكى الله : (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) الى آخر الآية ، فلما لم يؤمنوا أرسل الله عليهم الريح الصرصر يعنى الباردة وهو قوله في سورة اقتربت (كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) وحكى في سورة الحاقة فقال : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) قال : كان القمر منحوسا بزحل (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) ، قال : فحدثني ابى عن ابن ابى عمير عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن ابى جعفر عليهالسلام قال : الريح العقيم تخرج من تحت الأرضين السبع : وما خرج منها شيء قط الأعلى قوم عاد حين غضب الله عليهم فأمر
__________________
(١) أجدب القوم : أصابهم الجدب اى المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض.