والعب ، فان أك صادقا فأنتم أعلى بى عينا ، وان أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب (١) أمرى فارجعوا فقال عتبة : والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا ، ثم ركب جملا له أحمر فنظر اليه رسول الله صلىاللهعليهوآله يجول في العسكر وينهى عن القتال فقال : ان يك عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر ان يطيعوه يرشدوا فأقبل عتبة يقول : يا معشر قريش اجتمعوا واسمعوا ثم خطبهم فقال : يمن مع رحب ورحب مع يمن يا معشر قريش أطيعونى اليوم واعصوني الدهر ، وارجعوا الى مكة واشربوا الخمور وعانقوا الحور فان محمدا له إل وذمة وهو ابن عمكم ، فارجعوا فلا تردوا رأيى ، وانما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها بنخلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلى عقله ، فلما سمع أبو جهل ذلك غاظه وقال : ان عتبة أطول الناس لسانا وأبلغهم في الكلام ، ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ، ثم قال : يا عتبة نظرت الى سيوف بنى عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك ، وتأمر الناس بالرجوع وقد رأينا آثارنا بأعيينا ، فنزل عتبة عن جمله وحمل على أبى جهل وكان على فرس وأخذ بشعره فقال الناس : يقتله فعرقب فرسه (٢) فقال : أمثلى يجبن؟ وستعلم قريش اليوم أينا ألام وأجبن ، وأينا المفسد لقومه لا يمشى الا أنا وأنت الى الموت عيانا ، ثم قال : هذا جناي وخياره فيه وكل جان يده الى فيه (٣)
__________________
(١) ذؤبان جمع الذئب.
(٢) عرقبه : قطع عرقوبه ، والعرقوب : عصب غليظ فوق عقب الإنسان ومن الدابة في رجلها.
(٣) الجنى : المجنى ، وأول من تكلم بهذا المثل عمرو بن عدى بن أخت جذيمة ، وذلك ان جذيمة خرج مبتديا بأهله وولده في سنة مكلئة وضربت أبنيته في زهر وروضة فأقبل ولده يجنون الكماة ، فاذا أصاب بعضهم كماة جيدة أكلها ، وإذا أصابها عمرو خبأها في حجزته فأقبلوا يتعادون الى جذيمة وعمرو يقول وهو صغير : «هذا جناي وخياره فيه* إذ كل جان يده الى فيه» فضمه جذيمة اليه والتزمه وسر بقوله وفعله وأمر أن يصاغ له طوق فكان أول عربي طوق ، وكان يقال له عمرو ذو الطوق ، وهو الذي قبل فيه ـ