هذه الحالة؟ فقال : ما سخطت عليك ولكن ذكرت عمى فانقبضت لذلك. وقال أبو جهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا كما عجل وبطرا بنا ربيعة ، عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها ، وكانت فئة من قريش أسلموا بمكة فاحتبسهم آباؤهم ، فخرجوا مع قريش الى بدر وهم على الشك والارتياب والنفاق ، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكهة ، والحارث بن ربيعة ، وعلى بن امية بن خلف ، والعاص بن المنبه ، فلما نظروا الى قلة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله قالوا : مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة ، فأنزل الله عزوجل على رسوله صلىاللهعليهوآله : (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وجاء إبليس الى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم : أنا جاركم فادفعوا الى ـ رايتكم فدفعوها اليه ، وجاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويخيل إليهم ويفزعهم ، وأقبلت قريش يقدمها إبليس ومعه الراية ، فنظر اليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : غضوا أبصاركم وعضوا على النواجذ (١) ولا تستلوا سيفا حتى آذن لكم ، ثم رفع يده الى السماء وقال : يا رب ان تهلك هذه العصابة لم تعبد وان شئت ان لا تعبد لا تعبد ، ثم اصابه الغشي فسرى عنه وهو يسكب العرق (٢) عن وجهه ويقول : هذا جبرئيل عليهالسلام قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين ، قال : فنظرنا فاذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله صلىاللهعليهوآله وقائل يقول : أقدم حيزوم أقدم حيزوم (٣) وسمعنا قعقعة السلاح من الجو. ونظر إبليس عليه اللعنة الى جبرائيل عليهالسلام فتراجع ورمى باللواء فأخذ منبه
__________________
(١) النواجذ جمع الناجذ وهي أقصى الأضراس ، أربعة وهي أضراس الحلم لأنها تنبت بعد البلوغ وكما العقل ، والعض على النواجذ كناية عن الصبر.
(٢) سكب الماء : صب. وفي بعض النسخ «يسلت» ومعناه يمسحه عن وجهه.
(٣) حيزوم : اسم فرس جبرئيل اى أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء.