العضد ، فتعلقت بجلده فاتكى عمر وعلى يده برجله ثم تراخى في السماء حتى انقطعت الجلدة ورمى بيده. وقال عبد الله بن مسعود : انتهيت الى ابى جهل وهو يتشحط بدمه (١) فقلت : الحمد لله الذي أخزاك ، فرفع رأسه فقال : انما اخزى الله عبد بن أم عبد ، لمن الدين ويلك (٢)؟ قلت : لله ولرسوله وانى قاتلك ، ووضعت رجلي على عنقه فقال : لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم ، اما انه ليس شيء أشد من قتلك إياي في هذا اليوم الا تولى قتلى رجلا من المطلبيين أو رجلا من الاحلاف؟ فانقلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته وأخذت رأسه وجئت به الى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقلت : يا رسول الله البشرى هذا رأس ابى جهل بن هشام فسجد لله عزوجل شكرا. وأسر ابو يسر الأنصاري العباس بن عبد المطلب وعقيل بن ابى طالب وجاء بهما الى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال له : هل أعانك عليهما أحد؟ قال : نعم رجل عليه ثياب بيض ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ذاك من الملائكة ، ثم قال رسول الله للعباس افد نفسك وابن أخيك ، فقال : يا رسول الله لقد كنت أسلمت ولكن القوم استكرهوني ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الله اعلم با بإسلامك ، ان يكن ما تذكر حقا ، فان الله عزوجل يجزيك عليه ، فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا ثم قال : يا عباس انكم خاصمتم الله فخصمكم ، ثم قال : أفد نفسك وابن أخيك وقد كان العباس أخذ معه أربعين أوقية من ذهب فغنمها رسول الله فلما قال رسول الله للعباس : افد نفسك ، قال : يا رسول الله احسبها من فدائى ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا ، ذاك شيء أعطانا الله منك فأفد نفسك وابن أخيك ، فقال العباس : ليس لي مال غير الذي ذهب منى ، قال : بل المال الذي خلفته عند أم الفضل بمكة فقلت لها : ان حدث على حدث فاقسموه بينكم؟ فقال له : أتتركني وانا اسأل الناس بكفي؟ فأنزل الله على رسوله في ذلك : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ
__________________
(١) تشحّط بالدم : تضرج به وتمرغ فيه.
(٢) الدين : القهر والغلبة والاستعلاء ، وفي السيرة لابن هشام : «لمن الدائرة ... اه».