ويقول لك : من أخرجك من الجب بعد ان طرحت فيها وأيقنت بالهلكة؟ قال : فصاح ووضع خده على الأرض ثم قال : أنت يا رب ، قال : فان ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فالبث (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ، قال : فلما انقضت المدة واذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال : اللهم ان كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فانى أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب ، ففرج الله عنه قلت : جعلت فداك أندعو نحن بهذا الدعاء؟ فقال : ادع بمثله : اللهم ان كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فانى أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهمالسلام.
٨٠ ـ وفيه وقال : ولما امر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تأويل الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن ، فلما سألاه الفتيان الرؤيا وعبر لهما (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ولم يفزع في تلك الحالة الى الله اوحى الله اليه : من أراك الرؤيا التي رايتها؟ فقال يوسف : أنت يا رب ، قال : فمن حببك الى أبيك؟ قال : أنت يا رب ، قال : فمن وجه إليك السيارة التي رايتها؟ قال : أنت يا رب ، قال : فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا؟ قال أنت يا رب ، قال : فمن أنطق لسان الصبى بعذرك؟ قال : أنت يا رب ، قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا؟ قال : أنت يا رب ، قال : فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بى ، وأملت عبدا من عبيدي ليذكرك الى مخلوق من خلقي. وفي قبضتي ولم تفزع الى؟ البث (فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ، فقال يوسف : اسألك بحق آبائي عليك الا فرجت عنى ، فأوحى الله اليه : يا يوسف واى حق لابائك وأجدادك على ان كان أبوك آدم خلقته بيدي و (نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) وأسكنته جنتي وامرته ان لا يقرب شجرة منها فعصاني وسألني فتبت عليه ، وان كان أبوك نوح انتجبته من بين خلقي وجعلته رسولا إليهم ، فلما عصوا دعاني فاستجبت له وغرقتهم وأنجيته (وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) ، وان كان أبوك إبراهيم اتخذته خليلا وأنجيته من النار وجعلتها عليه بردا وسلاما ، وان كان يعقوب وهبت له اثنى عشر ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال يبكى حتى ذهب بصره وقعد على الطريق يشكوني الى خلقي ، فأي حق لآبائك على؟