مضمون الجواب هو الوجود الموصوف بإيمان أصحابه ، ولكن الامتناع ليس معلقا على وجود الإيمان بل على وجود ذوات المؤمنين والمؤمنات بينهم. وكذلك قوله : (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) ليس هو خبرا بل وصفا ثانيا إذ ليس محط الفائدة.
ووجه عطف (نِساءٌ مُؤْمِناتٌ) مع أن وجود (رِجالٌ مُؤْمِنُونَ) كاف في ربط امتناع الجواب بالشرط ومع التمكن من أن يقول : ولو لا المؤمنون ، فإن جمع المذكر في اصطلاح القرآن يتناول النساء غالبا ، أن تخصيص النساء بالذكر أنسب بمعنى انتفاء المعرة بقتلهن وبمعنى تعلق رحمة الله بهن.
ومعنى (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) لم تعملوا إيمانهم إذ كانوا قد آمنوا بعد خروج النبيصلىاللهعليهوسلم مهاجرا.
فعن جنبذ ـ بجيم مضمومة ونون ساكنة وموحدة مضمومة وذال معجمة ـ بن سبع ـ بسين مهملة مفتوحة وموحدة مضمومة ، ويقال : سباع بكسر السين يقال : إنه أنصاري ، ويقال : قاري صاحبي قال : هم سبعة رجال سمي منهم الوليد بن الوليد بن المغيرة ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة وأبو جندل بن سهيل وأبو بصير القرشي ـ ولم أقف على اسم السابع ـ وعدّت أمّ الفضل زوج العباس بن عبد المطلب ، وأحسب أن ثانيتهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط التي لحقت بالنبيء صلىاللهعليهوسلم بعد أن رجع إلى المدينة. وعن حجر بن خلف : ثلاثة رجال وتسع نسوة ، ولفظ الآية يقتضي أن النساء أكثر من اثنتين. والظاهر أن المراد بقوله : (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) ما يشمل معنى نفي معرفة أشخاصهم ومعنى نفي العلم بما في قلوبهم ، فيفيد الأول أنهم لا يعلمهم كثير منكم ممن كان في الحديبيّة من أهل المدينة ومن معهم من الأعراب فهم لا يعرفون أشخاصهم فلا يعرفون من كان منهم مؤمنا إن كان يعرفهم المهاجرون ، ويفيد الثاني أنهم لا يعلمون ما في قلوبهم من الإيمان أو ما أحدثوه بعد مفارقتهم من الإيمان ، أي لا يعلم ذلك كله الجيش من المهاجرين والأنصار.
و (أَنْ تَطَؤُهُمْ) بدل اشتمال من (رِجالٌ) ومعطوفه ، أو من الضمير المنصوب في (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) أي لو لا أن تطئوهم.
والوطء : الدوس بالرجل ، ويستعار للإبادة والإهلاك ، وقد جمعهما الحارث بن وعلة الذهلي في قوله :