برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم فهم يتحدثون عن رسالة موسى عليهالسلام بما هو مماثل لحال النبي صلىاللهعليهوسلم مع قومه وفيه ما يكفي لدفع إنكارهم رسالته.
فالاستفهام في (أَرَأَيْتُمْ) تقريري للتوبيخ ومفعولا (أَرَأَيْتُمْ) محذوفان. والتقدير: أرأيتم أنفسكم ظالمين. والضمير المستتر في (إِنْ كانَ) عائد إلى القرآن المعلوم من السياق أو إلى ما يوحى إليّ في قوله آنفا (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) [الأحقاف : ٩]. وجملة (وَكَفَرْتُمْ بِهِ) في موضع الحال من ضمير (أَرَأَيْتُمْ). ويجوز أن يكون عطفا على فعل الشرط. وكذلك جملة (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) لأن مضمون كلتا الجملتين واقع فلا يدخل في حيز الشرط ، وجواب الشرط محذوف دل عليه سياق الجدل. والتقدير : أفترون أنفسكم في ضلال.
وجملة (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) تذييل لجملة جواب الشرط المقدرة وهي تعليل أيضا. والمعنى : أتظنون إن تبين أن القرآن وحي من الله وقد كفرتم بذلك فشهد شاهد على حقّية ذلك توقنوا أن الله لم يهدكم لأنكم ظالمون وأن الله لا يهدي الظالمين.
وضميرا (كانَ) و (مِثْلِهِ) عائدان إلى القرآن الذي سبق ذكره مرّات من قوله:(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ) [الأحقاف : ٢] وقوله : (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا) [الأحقاف : ٤].
وجملة (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) عطف على جملة (وَشَهِدَ شاهِدٌ) إلخ وجملة (وَشَهِدَ شاهِدٌ) عطف على جملة (إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ).
والمثل : المماثل والمشابه في صفة أو فعل ، وضمير (مِثْلِهِ) للقرآن فلفظ (مِثْلِهِ) هنا يجوز أن يحمل على صريح الوصف ، أي على مماثل للقرآن فيما أنكروه مما تضمنه القرآن من نحو توحيد الله وإثبات البعث وذلك المثل هو كتاب التوراة أو الزبور من كتب بني إسرائيل يومئذ. ويجوز أن يحمل المثل على أنه كناية عما أضيف إليه لفظ (مثل) ، فيكون لفظ (مثل) بمنزلة المقحم على طريقة قول العرب : «مثلك لا يبخل» ، وكما هو أحد محملين في قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١]. فالمعنى : وشهد شاهد على صدق القرآن فيما حواه.
ويجوز يكون ضمير (مِثْلِهِ) عائدا على الكلام المتقدم بتأويل المذكور ، أي على مثل ما ذكر في أنه (مِنْ عِنْدِ اللهِ) وأنه ليس بدعا من كتب الرسل.
فالمراد ب (شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) شاهد غير معين ، أي أيّ شاهد ، لأن الكلام