لا يصار إلى ادعائه إلا إذا تعين. وصيغة المفاعلة في (فَآزَرَهُ) مستعارة لقوة الفعل مثل قولهم : عافاك الله ، وقوله تعالى : (وَبارَكَ فِيها) [فصلت : ١٠].
والضمير المرفوع في (فَآزَرَهُ) للشطء ، والضمير المنصوب للزرع ، أي قوى الشطء أصله.
وقرأ الجمهور (فَآزَرَهُ). وقرأه ابن ذكوان عن ابن عامر فأزره بدون ألف بعد الهمزة والمعنى واحد.
ومعنى (فَاسْتَغْلَظَ) غلظ غلظا شديدا في نوعه ، فالسين والتاء للمبالغة مثل : استجاب. والضميران المرفوعان في (فَاسْتَغْلَظَ) واستوى عائدان إلى الزرع.
والسوق : جمع ساق على غير قياس لأن ساقا ليس بوصف وهو اسم على زنة فعل بفتحتين. وقراءة الجميع (عَلى سُوقِهِ) بالواو بعد الضمة. وقال ابن عطية : قرأ ابن كثير (سُوقِهِ) بالهمزة أي همزة ساكنة بعد السين المضمومة وهي لغة ضعيفة يهمزون الواو التي قبلها ضمة ومنه قول الشاعر (١) :
لحب المؤقدان إلى مؤسى
وتنسب لقنبل عن ابن كثير ولم يذكرها المفسّرون ولم يذكرها في «حرز الأماني» وذكرها النوري في كتاب «غيث النفع» وكلامه غير واضح في صحة نسبة هذه القراءة إلى قنبل.
وساق الزرع والشجرة : الأصل الذي تخرج فيه السنبل والأغصان. ومعنى هذا التمثيل تشبيه حال بده المسلمين ونمائهم حتى كثروا وذلك يتضمن تشبيه بدء دين الإسلام ضعيفا وتقويه يوما فيوما حتى استحكم أمره وتغلب على أعدائه. وهذا التمثيل قابل لاعتبار تجزئة التشبيه في أجزائه بأن يشبه محمد صلىاللهعليهوسلم بالزارع كما مثل عيسى غلب الإسلام في الإنجيل ، ويشبه المؤمنون الأولون بحبات الزرع التي يبذرها في الأرض مثل : أبي بكر
__________________
(١) هو جرير ، وتمام البيت :
وجعدة إذا أضاءهما الوقود
وتقدّم عند قوله تعالى : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) في سورة البقرة [٤]. والبيت من قصيدة في مدح هشام بن عبد الملك.