وعبّر عن قوم لوط ب (إِخْوانُ لُوطٍ) ولم يكونوا من قبيله ، فالمراد ب (إِخْوانُ) أنهم ملازمون وهم أهل سدوم وعمورة وقراهما وكان لوط ساكنا في سدوم ولم يكن من أهل نسبهم لأن أهل سدوم كنعانيون ولوطا عبراني. وقد تقدم قوله تعالى : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ) في سورة الشعراء [١٦١]. وذكر قوم تبع وهم أهل اليمن ولم يكن العرب يعدونهم عربا.
وهذه الأمم أصابها عذاب شديد في الدنيا عقابا على تكذيبهم الرسل. والمقصود تسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والتعريض بالتهديد لقومه المكذّبين أن يحل بهم ما حلّ بأولئك.
والرس : يطلق اسما للبئر غير المطوية ويطلق مصدرا للدفن والدسّ. واختلف المفسرون في المراد به هنا. و (أَصْحابُ الرَّسِ) قوم عرفوا بالإضافة إلى الرس ، فيحتمل أن إضافتهم إلى الرسّ من إضافة الشيء إلى موطنه مثل (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) ، و (أَصْحابُ الْحِجْرِ) [الحجر : ٨٠] و (أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) [يس : ١٣]. ويجوز أن تكون إضافة إلى حدث حلّ بهم مثل (أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) [البروج : ٤]. وفي تعيين (أَصْحابُ الرَّسِ) أقوال ثمانية أو تسعة وبعضها متداخل.
وتقدم الكلام عليهم في سورة الفرقان. والأظهر أن إضافة (أَصْحابُ) إلى (الرَّسِ) من إضافة اسم إلى حدث حدث فيه فقد قيل : إن أصحاب الرسّ عوقبوا بخسف في الأرض فوقعوا في مثل البئر. وقيل : هو بئر ألقى أصحابه فيه حنظلة بن صفوان رسول الله إليهم حيّا فهو إذن علم بالغلبة وقيل هو فلج من أرض اليمامة. وتقدم الكلام على أصحاب الرس في سورة الفرقان [٣٨] عند قوله تعالى : (وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِ).
وأصحاب الأيكة هم من قوم شعيب وتقدم في سورة الشعراء. وقوم تبع هم حمير من عرب اليمن وتقدم ذكرهم في سورة الدخان.
وجملة (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) مؤكدة لجملة (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) إلى آخرها ، فلذلك فصلت ولم تعطف ، وليبني عليه قوله : (فَحَقَّ وَعِيدِ) فيكون تهديد بأن يحق عليهم الوعيد كما حق على أولئك مرتبا بالفاء على تكذيبهم الرسل فيكون في ذلك تشريف للنبي صلىاللهعليهوسلم وللرسل السابقين. وتنوين (كُلٌ) تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كلّ أولئك. و (فَحَقَ) صدق وتحقّق.
والوعيد : الإنذار بالعقوبة واقتضى الإخبار عنه بحق أن الله توعدهم به فلم يعبئوا