الكاف. وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وابن ذكوان عن ابن عامر ويعقوب بضم الكاف في الموضعين. وانتصب (كُرْهاً) على الحال ، أي كارهة أو ذات كره.
والمعنى : أنها حملته في بطنها متعبة من حمله تعبا يجعلها كارهة لأحوال ذلك الحمل. ووضعته بأوجاع وآلام جعلتها كارهة لوضعه. وفي ذلك الحمل والوضع فائدة له هي فائدة وجوده الذي هو كمال حال الممكن وما ترتب على وجوده من الإيمان والعمل الصالح الذي به حصول النعم الخالدة.
وأشير إلى ما بعد الحمل من إرضاعه الذي به علاج حياته ودفع ألم الجوع عنه وهو عمل شاق لأمه فذكرت مدة الحمل والإرضاع لأنها لطولها تستدعي صبر الأم على تحمل كلفة الجنين والرضيع.
والفصال : الفطام ، وذكر الفصال لأنه انتهاء مدة الرضاع فذكر مبدأ مدة الحمل بقوله : (وَحَمْلُهُ) وانتهاء الرضاع بقوله : (وَفِصالُهُ). والمعنى : وحمله وفصاله بينهما ثلاثون شهرا. وقرأ يعقوب وفصله بسكون الصاد ، أي فصله عن الرضاعة بقرينة المقام.
ومن بديع معنى الآية جمع مدة الحمل إلى الفصال في ثلاثين شهرا لتطابق مختلف مدد الحمل إذ قد يكون الحمل ستة أشهر وسبعة أشهر وثمانية أشهر وتسعة وهو الغالب ، قيل : كانوا إذا كان حمل المرأة تسعة أشهر وهو الغالب أرضعت المولود أحد وعشرين شهرا ، وإذا كان الحمل ثمانية أشهر أرضعت اثنين وعشرين شهرا ، وإذا كان الحمل سبعة أشهر أرضعت ثلاثة وعشرين شهرا ، وإذا كان الحمل ستة أشهر أرضعت أربعة وعشرين شهرا ، وذلك أقصى أمد الإرضاع فعوضوا عن نقص كل شهر من مدة الحمل شهرا زائدا في الإرضاع لأن نقصان مدة الحمل يؤثر في الطفل هزالا.
ومن بديع هذا الطيّ في الآية أنها صالحة للدلالة على أن مدة الحمل قد تكون دون تسعة أشهر ولو لا أنها تكون دون تسعة أشهر لحددته بتسعة أشهر لأن الغرض إظهار حق الأم في البر بما تحملته من مشقة الحمل فإن مشقة مدة الحمل أشدّ من مشقة الإرضاع فلولا قصد الإيماء إلى هذه الدلالة لكان التحديد بتسعة أشهر أجدر بالمقام. وقد جعل علي بن أبي طالب رضياللهعنه هذه الآية مع آية سورة البقرة [٢٣٣] (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) دليلا على أن الوضع قد يكون لستة أشهر ، ونسب مثله إلى ابن عباس. ورووا عن معمر بن عبد الله الجهني قال : تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت