ارتقاء في الوعيد لأنه وعيد بأنهم من أهل النار وذلك أشد من خزي الإهانة.
و «صالوا» جمع صال وهو الذي مسه حر النار ، وتقدم في آخر سورة الانفطار. والمعنى : أنهم سيصلون عذاب جهنم.
وأما التقريع مع التأييس من التخفيف فهو مضمون جملة : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) فعطف الجملة بحرف (ثُمَ) اقتضى تراخي مضمون الجملة على مضمون التي قبلها ، أي بعد درجته في الغرض المسوق له الكلام.
واقتضى اسم الإشارة أنهم صاروا إلى العذاب ، والإخبار عن العذاب بأنه الذي كانوا به يكذبون يفيد أنه العذاب الذي تكرر وعيدهم به وهم يكذّبونه ، وذلك هو الخلود وهو درجة أشد في الوعيد ، وبذلك كان مضمون الجملة أرقى رتبة في الغرض من مضمون الجملة المعطوفة هي عليها.
أو يكون قوله : (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) إشارة إلى جواب مالك خازن جهنم المذكور في قوله تعالى : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) [الزخرف : ٧٧ ، ٧٨] فطوي سؤالهم واقتصر على جواب مالك خازن جهنم اعتمادا على قرينة عطف جملة هذا المقال ب (ثُمَ)الدالة على التراخي.
وبني فعل (يُقالُ) للمجهول لعدم تعلق الغرض بمعرفة القائل والمقصد هو القول.
وجيء باسم الموصول ليذكّروا تكذيبهم به في الدنيا تنديما لهم وتحزينا.
وتقديم (بِهِ) على (تُكَذِّبُونَ) للاهتمام بمعاد الضمير مع الرعاية على الفاصلة والباء لتعدية فعل (تُكَذِّبُونَ) إلى تفرقة بين تعديته إلى الشخص الكاذب فيعدّى بنفسه وبين تعديته إلى الخبر المكذّب فيعدّى بالباء. ولعل أصلها باء السببية والمفعول محذوف ، أي كذب بسببه من أخبره به ، ولذلك قدره بعض المفسرين : هذا الذي كنتم به تكذبون رسل الله في الدنيا.
[١٨ ـ ٢١] (كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ (١٩) كِتابٌ مَرْقُومٌ (٢٠) يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢١))
(كَلَّا).