و (ثُوِّبَ) أعطي الثواب ، يقال : ثوّبه كما يقال : أثابه ، إذا أعطاه ثوابا.
والثواب : هو ما يجازى به من الخير على فعل محمود وهو حقيقته كما في «الصحاح»، وهو ظاهر «الأساس» ولذلك فاستعماله في جزاء الشر هنا استعارة تهكمية. وهذا هو التحقيق وهو الذي صرح به الراغب في آخر كلامه إذ قال : إنه يستعمل في جزاء الخير والشر. أراد أنه يستعار لجزاء الشر بكثرة فلا بد من علاقة وقرينة وهي هنا قوله : (الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) كقول عمرو بن كلثوم :
نزلتم منزل الأضياف منا |
|
فعجّلنا القرى أن تشتمونا |
قريناكم فعجّلنا قراكم |
|
قبيل الصّبح مرداة طحونا |
ومن قبيل قوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [الانشقاق : ٢٤].
و (ما كانُوا يَفْعَلُونَ) موصول وهو مفعول ثان لفعل (ثُوِّبَ) إذ هو من باب أعطى. وليس الجزاء هو ما كانوا يفعلونه بل عبر عنه بهذه الصلة لمعادلته شدّة جرمهم على طريقة التشبيه البليغ ، أو على حذف مضاف تقديره : مثل ، ويجوز أن يكون على نزع الخافض وهو باء السببية ، أي بما كانوا يفعلون.
وفي هذه الجملة محسن براعة المقطع لأنها جامع لما اشتملت عليه السورة.