وظرف (وَراءَ ظَهْرِهِ) في موضع الحال من (كِتابَهُ).
و (يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ) أي يرجع. والانقلاب : الرجوع إلى المكان الذي جيء منه ، وقد تقدم قريبا في سورة المطففين.
والأهل : العشيرة من زوجة وأبناء وقرابة.
وهذا التركيب تمثيل لحال المحاسب حسابا يسيرا في المسرّة والفوز والنجاة بعد العمل الصالح في الدنيا ، بحال المسافر لتجارة حين يرجع إلى أهله سالما رابحا لما في الهيئة المشبه بها من وفرة المسرة بالفوز والربح والسلامة ولقاء الأهل وكلهم في مسرة ، فذلك وجه الشبه بين الهيئتين وهو السرور المألوف للمخاطبين فالكلام استعارة تمثيلية.
وليس المراد رجوعه إلى منزله في الجنة لأنه لم يكن فيه من قبل حتى يقال لمصيره إليه انقلاب ، ولأنه قد لا يكون له أهل. وهو أيضا كناية عن طول الراحة لأن المسافر إذا رجع إلى أهله فارق المتاعب زمان.
والمراد بالدعاء في قوله : (يَدْعُوا ثُبُوراً) النداء ، أي ينادي الثبور بأن يقول : يا ثبوري ، أو يا ثبورا ، كما يقال : يا ويلي ويا ويلتنا.
والثبور : الهلاك وسوء الحال وهي كلمة يقولها من وقع في شقاء وتعس.
والنداء في مثل هذه الكلمات مستعمل في التحسر والتوجع من معنى الاسم الواقع بعد حرف النداء.
(وَيَصْلى) قرأه نافع وابن كثير وابن عامر والكسائي بتشديد اللام مضاعف صلاه إذا أحرقه. وقرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخلف (وَيَصْلى) بفتح التحتية وتخفيف اللام مضارع صلي اللازم إذا مسته النار كقوله : (يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ) [الانفطار : ١٥].
وانتصب (سَعِيراً) على نزع الخافض بتقدير يصلّى بسعير ، وهذا الوجه هو الذي يطرد في جميع المواضع التي جاء فيها لفظ النار ونحوه منصوبا بعد الأفعال المشتقة من الصلي والتصلية ، وقد قدمنا وجهه في تفسير قوله تعالى : (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) في سورة النساء [١٠] فانظره.
وقوله : (إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) مستعمل في التعجيب من حالهم كيف انقلبت