وأما ثمود أخذتهم الصيحة.
وأما فرعون فحسبوا البحر منحسرا فما راعهم إلا وقد أحاط بهم.
والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحملها على المزيد في الجري.
وعن الفراء أن كلمة (سَوْطَ عَذابٍ) يقولها العرب لكل عذاب يدخل فيه السوط (أي يقع بالسوط) ، يريد أن حقيقتها كذلك ولا يريد أنها في هذه الآية كذلك.
وإضافة (سَوْطَ) إلى (عَذابٍ) من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذابا سوطا ، أي كالسوط في سرعة الإصابة فهو تشبيه بليغ.
وجملة : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) تذييل وتعليل لإصابتهم بسوط عذاب إذا قدّر جواب القسم محذوفا. ويجوز أن تكون جواب القسم كما تقدم آنفا.
فعلى كون الجملة تذييلا تكون تعليلا لجملة (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) تثبيتا للنبي صلىاللهعليهوسلم بأن الله ينصر رسله وتصريحا للمعاندين بما عرّض لهم به من توقع معاملته إياهم بمثل ما عامل به المكذبين الأولين. أي أن الله بالمرصاد لكل طاغ مفسد.
وعلى كونها جواب القسم تكون كناية عن تسليط العذاب على المشركين إذ لا يراد من الرصد إلا دفع المعتدي من عدوّ ونحوه ، وهو المقسم عليه وما قبله اعتراضا تفننا في نظم الكلام إذ قدم على المقصود بالقسم ما هو استدلال عليه وتنظير بما سبق من عقاب أمثالهم من الأمم من قوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) إلخ ، وهو أسلوب من أساليب الخطابة إذ يجعل البيان والتنظير بمنزلة المقدمة ويجعل الغرض المقصود بمنزلة النتيجة والعلة إذا كان الكلام صالحا للاعتبارين مع قصد الاهتمام بالمقدّم والمبادرة به.
والعدول عن ضمير المتكلم أو اسم الجلالة إلى (رَبُّكَ) في قوله : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) وقوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) إيماء إلى أن فاعل ذلك ربه الذي شأنه أن ينتصر له ، فهو مؤمّل بأن يعذب الذين كذبوه انتصارا له انتصار المولى لوليّه.
والمرصاد : المكان الذي يترقب فيه الرّصد ، أي الجماعة المراقبون شيئا ، وصيغة مفعال تأتي للمكان وللزمان كما تأتي للآلة ، فمعنى الآلة هنا غير محتمل ، فهو هنا إما للزمان أو المكان إذ الرصد الترقب.