قبيل تبيين المجمل ولكنه تمييز وفصل بين شيئين أو أشياء تشتبه أو تختلط.
وقد تقدم ذكر (أمّا) عند قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) الآية في سورة البقرة [٢٦].
والابتلاء : الاختبار ويكون بالخير وبالضرّ لأن في كليهما اختبارا لثبات النفس وخلق الأناة والصبر قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء : ٣٥] وبذكر الابتلاء ظهر أن إكرام الله إياه إكرام ابتلاء فيقع على حالين ، حال مرضية وحال غير مرضية وكذلك تقتير الرزق تقتير ابتلاء يقتضي حالين أيضا. قال تعالى : (لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) [النمل : ٤٠] وقال : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء : ٣٥] والأشهر أنه الاختبار بالضر وقد استعمل في هذه الآية في المعنيين.
والمعنى : إذا جعل ربّه ما يناله من النعمة أو من التقتير مظهرا لحاله في الشكر والكفر ، وفي الصبر والجزع ، توهّم أن الله أكرمه بذلك أو أهانه بهذا.
والإكرام : قال الراغب : أن يوصل إلى الإنسان كرامة ، وهي نفع لا تلحق فيه غضاضة ولا مذلة ، وأن يجعل ما يوصل إليه شيئا كريما ، أي شريفا قال تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء : ٢٦] ، أي جعلهم كراما ا ه يريد أن الإكرام يطلق على إعطاء المكرمة ويطلق على جعل الشيء كريما في صنفه فيصدق قوله تعالى : (فَأَكْرَمَهُ) بأن يصيب الإنسان ما هو نفع لا غضاضة فيه ، أو بأن جعل كريما سيدا شريفا. وقوله : (فَأَكْرَمَهُ) من المعنى الأول للإكرام وقوله : (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) من المعنى الثاني له في كلام الراغب واعلم أن قوله : (وَنَعَّمَهُ) صريح في أن الله ينعم على الكافرين إيقاظا لهم ومعاملة بالرحمة ، والذي عليه المحققون من المتكلمين أن الكافر منعم عليه في الدنيا ، وهو قول الماتريدي والباقلاني. وهذا مما اختلف فيه الأشعري والماتريدي والخلف لفظي.
ومعنى (نَعَّمَهُ) جعله في نعمة ، أي في طيب عيش.
ومعنى : (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) أعطاه بقدر محدود ، ومنه التقتير بالتاء الفوقية عوضا عن الدال ، وكلّ ذلك كناية عن القلة ويقابله بسط الرزق قال تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) [الشورى : ٢٧].
والهاء في (رِزْقَهُ) يجوز أن تعود إلى (الْإِنْسانُ) من إضافة المصدر إلى المفعول ،