وتبعه البيضاوي يعني : أن الدك كناية عن التسوية لأن التسوية من لوازم الدك ، أي صارت الجبال مع الأرض مستويات لم يبق فيها نتوء.
ولك أن تجعل صفة واحدة مجازا في تفرد الدكة بالشدة التي لا ثاني مثلها ، أي دكة لا نظير لها بين الدكات في الشدة من باب قولهم : هو وحيد قومه ، ووحيد دهره ، فلا يعارض قوله : (دَكًّا دَكًّا) بهذا التفسير. وفيه تكلف إذ لم يسمع بصيغة فاعل فلم يسمع : هو واحد قومه.
وأما قوله تعالى : (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ف (صَفًّا) الأول حال من (الْمَلَكُ)
و (صَفًّا) الثاني لم يختلف المفسرون في أنه من التكرير المراد به الترتيب والتصنيف ، أي صفّا بعد صفّ ، أو خلف صفّ ، أو صنفا من الملائكة دون صنف ، قيل : ملائكة كل سماء يكونون صفّا حول الأرض على حدة.
قال الرضي وأما تكرير المنكّر في قولك ، قرأت الكتاب سورة سورة ، وقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) فليس في الحقيقة تأكيدا إذ ليس الثاني لتقرير ما سبق بل هو لتكرير المعنى لأن الثاني غير الأول معنى. والمعنى : جميع السور وصفوفا مختلفة ا ه. وشذّ من المفسرين من سكت عنه. ولا يحتمل حمله على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله إذ لا معنى للتأكيد.
وإسناد المجيء إلى الله إما مجاز عقلي ، أي جاء قضاؤه ، وإما استعارة بتشبيه ابتداء حسابه بالمجيء.
وأما إسناده إلى الملك فإما حقيقة ، أو على معنى الحضور وأيّا ما كان فاستعمال (جاء) من استعمال اللفظ في مجازه وحقيقته ، أو في مجازيه.
و (الْمَلَكُ) : اسم جنس وتعريفه تعريف الجنس فيرادفه الاستغراق ، أي والملائكة.
والصف : مصدر صفّ الأشياء إذا جعل الواحد حذو الآخر ، ويطلق على الأشياء المصفوفة ومنه قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) [الصف : ٤] وقوله : (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) في سورة طه [٦٤].
واستعمال (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) كاستعمال مجيء الملك ، أي أحضرت جهنم وفتحت أبوابها فكأنها (جاء) بها جاء والمعنى : أظهرت لهم جهنم قال تعالى : (حَتَّى إِذا