وكتب في المصحف (وَالضُّحى) بألف في صورة الياء مع أن أصل ألفه الواو لأنهم راعوا المناسبة مع أكثر الكلمات المختومة بألف في هذه السورة فإن أكثرها منقلبة الألف عن الياء ، ولأن الألف تجري فيها الإمالة في اللغات التي تميل الألف التي من شأنها أن لا تمال إذا وقعت مع ألف تمال للمناسبة كما قال ابن مالك في «شرح كافيته».
ويقال : سجا الليل سجوا بفتح فسكون ، وسجوا بضمتين وتشديد الواو ، إذا امتد وطال مدة ظلامه مثل سجو المرء بالغطاء ، إذا غطي به جميع جسده وهو واوي ورسم في المصحف بألف في صورة الياء للوجه المتقدم في كتابة (الضُّحى).
وجملة : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) إلخ جواب القسم ، وجواب القسم إذا كان جملة منفية لم تقترن باللام.
والتوديع : تحية من يريد السفر.
واستعير في الآية للمفارقة بعد الاتصال تشبيها بفراق المسافر في انقطاع الصلة حيث شبه انقطاع صلة الكلام بانقطاع صلة الإقامة ، والقرينة إسناد ذلك إلى الله الذي لا يتصل بالناس اتصالا معهودا.
وهذا نفي لأن يكون الله قطع عنه الوحي.
وقد عطف عليه : (وَما قَلى) للإتيان على إبطال مقالتي المشركين إذ قال بعضهم:ودّعه ربه ، وقال بعضهم : قلاه ربه ، يريدون التهكم.
وجملة : (وَما قَلى) عطف على جملة جواب القسم ولها حكمها.
والقلي (بفتح القاف مع سكون اللام) والقلى (بكسر القاف مع فتح اللام) : البغض الشديد ، وسبب مقالة المشركين تقدم في صدر السورة.
والظاهر أن هذه السورة نزلت عقب فترة ثانية فتر فيها الوحي بعد الفترة التي نزلت إثرها سورة المدثر ، فعن ابن عباس وابن جريج : «احتبس الوحي عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم خمسة عشر يوما أو نحوها. فقال المشركون : إن محمدا ودّعه ربه وقلاه ، فنزلت الآية».
واحتباس الوحي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقع مرتين :
أولاهما : قبل نزول سورة المدثر أو المزمل ، أي بعد نزول سورتين من القرآن أو ثلاث على الخلاف في الأسبق من سورتي المزمل والمدثر ، وتلك الفترة هي التي خشي