وسمي بالتين موضع جاء في شعر النابغة يصف سحابات بقوله :
صهب الظّلال أتين في عرض |
|
يزجين غيما قليلا ماؤه شبما |
والزيتون يطلق على الجبل الذي بني عليه المسجد الأقصى لأنه ينبت الزيتون. وروي هذا عن ابن عباس والضحاك وعبد الرحمن بن زيد وقتادة وعكرمة ومحمد بن كعب القرظي. ويجوز عندي أن يكون القسم ب (التِّينِ وَالزَّيْتُونِ) معنيا بهما شجر هاتين الثمرتين ، أي اكتسب نوعاهما شرفا من بين الأشجار يكون كثير منه نابتا في هذين المكانين المقدسين كما قال جرير :
أتذكر حين تصقل عارضيها |
|
بفرع بشامة سقي البشام (١) |
فدعا لنوع البشام بالسّقي لأجل عود بشامة الحبيبة.
وأما (طُورِ سِينِينَ) فهو الجبل المعروف ب «طور سينا». والطور : الجبل بلغة النبط وهم الكنعانيون ، وعرف هذا الجبل ب (طُورِ سِينِينَ) لوقوعه في صحراء «سينين»، و «سينين» لغة في سين وهي صحراء بين مصر وبلاد فلسطين. وقيل : سينين اسم الأشجار بالنبطية أو بالحبشية ، وقيل : معناه الحسن بلغة الحبشة.
وقد جاء تعريبه في العربية على صيغة تشبه صيغة جمع المذكر السالم وليس بجمع ، مجاز في إعرابه أن يعرب مثل إعراب جمع المذكر بالواو نيابة عن الضمة ، أو الياء نيابة عن الفتحة أو الكسرة ، وأن يحكى على الياء مع تحريك نونه بحركات الإعراب مثل : صفّين ويبرين وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَالطُّورِ* وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) [الطور : ١ ، ٢].
و (الْبَلَدِ الْأَمِينِ) : مكة ، سمي الأمين لأن من دخله كان آمنا ، فالأمين فعيل بمعنى مفعل مثل : «الداعي السميع» في بيت عمرو بن معديكرب ، ويجوز أن يكون بمعنى مفعول على وجه الإسناد المجازي ، أي المأمون ساكنوه قال تعالى : (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش : ٤].
والإشارة إليه للتعظيم ولأن نزول السورة في ذلك البلد فهو حاضر بمرأى ومسمع من المخاطبين نظير قوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ١].
وعلى ما تقدم ذكره من المحملين الثانيين للتين والزيتون تتم المناسبة بين الأيمان
__________________
(١) وفي رواية التبريزي في «شرح الحماسة» : أتنسى إذ توعدنا سليمى بعود ... إلخ ص ٥٠ ج ١.