دون مرامه (١).
وإن كلام رب الناس ، حقيق بأن يخدم سعيا على الرأس ، وما أدّى هذا الحقّ إلّا قلم المفسر يسعى على القرطاس ، وإن قلمي طالما استنّ بشوط فسيح ، وكم زجر عند الكلال والإعياء زجر المنيح ، وإذ قد أتى على التمام فقد حقّ له أن يستريح.
وكان تمام هذا التفسير عصر يوم الجمعة الثاني عشر من شهر رجب عام ثمانين وثلاثمائة وألف. فكانت مدة تأليفه تسعا وثلاثين سنة وستة أشهر. وهي حقبة لم تخل من أشغال صارفة ، ومؤلّفات أخرى أفنانها وارفة ، ومنازع بقريحة شاربة طورا وطورا غارقة ، وما خلا ذلك من تشتت بال ، وتطور أحوال ، مما لم تخل عن الشكاية منه الأجيال ، ولا كفران لله فإن نعمه أوفى ، ومكاييل فضله عليّ لا تطفّف ولا تكفا.
وأرجو منه تعالى لهذا التفسير أن ينجد ويغور ، وأن ينفع به الخاصة والجمهور ، ويجعلني به من الذين يرجون تجارة لن تبور.
وكان تمامه بمنزلي ببلد المرسي شرقيّ مدينة تونس ، وكتبه محمد الطاهر ابن عاشور.
__________________
(١) تضمين المصراع بيت المعري :
برومك والجوزاء دون مرامه |
|
عدو بعيب البدر عند تمامه |