و (نَشْطاً) مصدر جاء على مصدر فعل المتعدي من باب نصر فتعين أن (النَّاشِطاتِ) فاعلات النشط فهو متعد.
وقد يكون مفضيا لإرادة النشاط الحقيقي لا المجازي. ويجوز أن يكون التأكيد لتحقيق الوصف لا لرفع احتمال المجاز.
وعن ابن عباس : (النَّاشِطاتِ) الملائكة تنشيط نفوس المؤمنين ، وعنه هي نفوس المؤمنين تنشط للخروج.
و (السَّابِحاتِ) صفة من السبح المجازي ، وأصل السبح العوم وهو تنقل الجسم على وجه الماء مباشرة وهو هنا مستعار لسرعة الانتقال ، فيجوز أن يكون المراد الملائكة السائرين في أجواء السماوات وآفاق الأرض ، وروي عن علي بن أبي طالب.
ويجوز أن يراد خيل الغزاة حين هجومها على العدوّ سريعة كسرعة السابح في الماء كالسابحات في قول امرئ القيس يصف فرسا :
مسح إذا ما السابحات على الونى |
|
أثرن الغبار بالكديد المركّل |
وقيل : (السَّابِحاتِ) النجوم ، وهو جار على قول من فسر النازعات بالنجوم ، و (سَبْحاً) مصدر مؤكد لإفادة التحقيق مع التوسل إلى تنوينه للتعظيم ، وعطف (فَالسَّابِقاتِ) بالفاء يؤذن بأن هذه الصفة متفرعة عن التي قبلها لأنهم يعطفون بالفاء الصفات التي شأنها أن يتفرع بعضها عن بعض كما تقدم في قوله تعالى : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) [الصافات : ١ ـ ٣] قول ابن زيابة :
يا لهف زيّابة للحارث الصّ |
|
ابح فالغائم فالآئب |
فلذلك (فَالسَّابِقاتِ) هي السابقات من السابحات.
والسبق : تجاوز السائر من يسير معه ووصوله إلى المكان المسير إليه قبله. ويطلق السبق على سرعة الوصول من دون وجود سائر مع السابق قال تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) [البقرة : ١٤٨] وقال : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) [المؤمنون : ٦١].
ويطلق السبق على الغلب والقهر ، ومنه قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا) [العنكبوت : ٤] وقول مرة بن عداء الفقعسي :
كأنك لم تسبق من الدهر ليلة |
|
إذا أنت أدركت الذي كنت تطلب |