وليس فقط أنه مقبول على مستوى الإيمان ، بل كما يقول الفقهاء أن عبادات هذا الصبي المميّز صحيحة وصلاته ، صومه ، حجّه وعمرته وسائر العبادات التي قد يأتي بها مراعياً لجميع الشروط والأركان صحيحة ومقبولة.
وبتعبير فقهاء الإسلام إنّ عبادات هذا الشخص شرعيّة لا تمرينية (١) ، وعليه فعند ما تكون عبادات الصبي غير البالغ صحيحة وشرعية فإيمانه مقبول بطريق أولى ، والنتيجة هي أن إيمان الصبي المميّز قبل البلوغ مقبول.
ومضافاً إلى ذلك فنحن نعتقد أن مثل هؤلاء الصبية المراهقين مسئولون في مقابل الذنوب والمعاصي ولا يمكن صرف هذه المسئولية عنهم لمجرد عدم بلوغهم سنّ التكليف وإعطاءهم الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، ولهذا فلو أنّ الصبي المميّز الذي لم يبلغ سنّ التكليف كان يعلم جيّداً أن قتل إنسان بريء هو عمل قبيح فارتكب هذا العمل وقتل بريئاً فإنه يضمن ديته وهو مسئول أمام الله تعالى.
النتيجة هي أن الشخص غير البالغ إذا كان عاقلاً ومميّزاً فإنّ إيمانه مقبول ، وعليه فإنّ البلوغ ليس شرطاً لقبول الإسلام والإيمان.
الثانية : لقد وصل بعض الأنبياء الإلهيين في سنّ الطفولة إلى مقام النبوّة ، فكيف لا يكون البلوغ شرطاً في مقام النبوّة الذي هو أعلى كثيراً من قبول مجرد الإيمان ، ولكنه يكون شرطاً في قبول الإسلام؟ ونكتفي بذكر مثالين لنيل مقام النبوّة في مرحلة الطفولة :
١ ـ النبي يحيى عليهالسلام وصل إلى النبوّة في سنّ الطفولة ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في الآية ١٢ من سورة مريم وقال :
(يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)
٢ ـ النبي عيسى عليهالسلام أيضاً وصل مرتبة النبوّة في سنّ الطفولة كما يحدّثنا القرآن الكريم في الآية ٣٠ من سورة مريم على لسان هذا النبي ويقول :
(قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)
__________________
(١) وقد أشار السيّد اليزدي إلى هذه المسألة في كتاب «العروة الوثقى» : ج ٢ ، ص ٢١٧.