٢ ـ (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الخصوصية الثانية للأشخاص الذين هم «خير البريّة» هو أنهم يتحرّكون في واقعهم الاجتماعي من موقع العمل الصالح الذي يستوحي مقوّماته من الإيمان والاعتقاد في عالم القلب والروح.
«العمل الصالح» (١) يتضمن معنىً عاماً وشاملاً ، وقد ورد في الروايات الشريفة أن أدنى مرتبة له هو «اماطَةُ الْأذى عَن الطَّريقِ» وأعلى مرتبة له هو اعتناق دين الحقّ والشهادة بالتوحيد «وأعْلاهَا شَهادَةُ انْ لا الهِ إلّا الله» (٢).
والخلاصة أن الصفة الثانية لهؤلاء هي أنهم يعملون الأعمال الصالحة.
٣ ـ (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) الخصوصية الثالثة لهؤلاء الأشخاص هي أنهم يتمتعون بمقام «الخشية» من الله تعالى ، فمضافاً للإيمان والعمل الصالح فإنهم يعيشون حالة الخشية والخضوع والإذعان للحقّ تعالى والتسليم لأوامره وتعليماته.
سؤال : هل أن «الخشية» هي شيء آخر غير الإيمان والعمل الصالح؟
الجواب : نعم ، إنّ الخشية مرتبة أعلى من الإيمان والعمل الصالح ، والظاهر أنها تعني الإحساس بالمسئولية ، فتارةً يعيش الإنسان الإيمان والعمل الصالح ولكن ذلك لا يعني أنه يتحلّى بعنصر الإحساس بالمسئولية ولا يكون إيمانه وعمله الصالح مسترفداً من إحساسه بالمسئولية بل بسبب العادة والتربية وأجواء الاسرة والمحيط الاجتماعي ، وتارةً اخرى يتحرّك الإنسان في إيمانه وعمله الصالح على أساس من إحساسه بالمسئولية ، فمثل هذا الإنسان يتعامل مع الأحداث والأشخاص والمواقف المختلفة من منطلق إحساسه بالمسئولية ويكون سلوكه وممارساته في حركة الحياة الفردية والاجتماعية قائمة على هذا الدافع النفساني والوجداني.
والنتيجة هي أن «خير البريّة» هم الذين يتمتعون بثلاث صفات : الإيمان ، العمل الصالح ، الإحساس بالمسئولية.
__________________
(١) لبيان أهمية العمل الصالح يكفي أن نعلم أن هذه العبارة وردت في القرآن الكريم سبعين مرّة تقريباً.
(٢) عوالي اللئالي : ج ١ ، ص ٤٣١ ، والرواية أعلاه وردت في صحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، الباب ١٢ ، ح ٥٨ ، مسند أحمد : ج ٢ ، ص ٣٧٩.