الحلال ، وذلك من خلال أن الله عند ما يتحدث عن الحلال والحرام في كتابه فإنه يريد للحلال أن يتحول إلى واقع في حياة الإنسان ، وللحرام أن يبتعد عن الواقع الإنساني ، ولا بد لهذا وذاك من قيادة شرعية أو غير شرعية ، لتنال رضا الله ـ في هذا الموقع ـ من خلال التزامها بما يرضاه ، أو لتنال غضب الله ـ في ذلك الموقع ـ من خلال حركتها نحو ما يغضبه ، ولعل هذا هو الأقرب إلى الجوّ العام للحديث وللآية.
وثانيا : ما هي علاقة الآية بأن للقرآن ظهرا وبطنا ـ كما في الرواية الموافقة لهذه الرواية التي ورد فيها أن القرآن ظهر وبطن؟ فإن الآية تتحدث عن الفواحش الظاهرة والباطنة من الأفعال الإنسانية ، وقد فسّرت الباطنة ـ في روايات أخرى ـ بأن المراد مما بطن «ما نكح من أزواج الآباء ، لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمّه ، فحرّم الله عزوجل ذلك» (١). وجاء في الدر المنثور : «أخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، وابن مردويه عن المغيرة بن شعبة قال : قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أتعجبون من غيرة سعد ، فوالله لأنا أغير من سعد ، والله أغير مني ، ومن أجله حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا شخص أغير من الله» (٢) ، فان الظاهر من هذه الرواية وأمثالها أن المراد من قوله : (وَما بَطَنَ) الأفعال المحرّمة غير المعروفة لدى الناس في سلوكهم العام ، لا المعنى الباطني على خلاف ظاهر الآية ، فلا بد من رد علمها إلى أهلها.
* * *
__________________
(١) تفسير البرهان ، ج : ٢ ، ص : ١٣.
(٢) الدر المنثور ، م : ٣ ، ص : ٤٤٧.