سعيد عن أبي وهب ، عن محمد بن منصور قال : «سألت عبدا صالحا ، عن قول الله عزوجل : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) قال : فقال : إن القرآن له ظهر وبطن ، فجميع ما حرّم الله في القرآن هو الظاهر ، والباطن من ذلك أئمة الجور ، وجميع ما أحلّ الله تعالى في الكتاب هو الظاهر ، والباطن من ذلك أئمة الحق (١).
وقد فسّر ذلك صاحب الميزان بقوله : «أقول : انطباق المعاصي والمحرّمات على أولئك ، والمحلّلات على هؤلاء ، لكون كل واحد من الطائفتين سببا للتقرب من الله أو البعد عنه ، أو لكون اتباع كلّ سببا لما يناسبه من الأعمال» (٢).
ولنا ملاحظة على ذلك ، أن الحديث ليس واردا في مقام تطبيق الآية بحسب معناها الظاهر على أئمة الجور وأئمة الحق ، بل هو وارد في مجال بيان وجود معنى باطني للقرآن ، بحيث يكون مرادا منه على النحو الذي يراد منه المعنى الظاهر ، فلا ينسجم مع ما ذكره العلّامة الطباطبائي قدسسره.
ثم نتساءل بعد ذلك ، أولا : عن المراد من المعنى الباطن ، هل هو المعنى الذي يستبطنه اللفظ في عمقه ، وهذا غير مفهوم ، لأن اللفظ لا يستبطن إلا معناه اللغوي الموضوع له أو المنقول إليه ، فليس له معنيان في الأصل ظاهر وباطن.
أو هو المعنى الإيحائي الذي يستوحيه القارئ من الأفعال التي يحبها الله من الحلال أو يبغضها من الحرام ، فينتقل من ذلك إلى الأشخاص الذين يحبهم الله ، لأنهم يقودون الناس إلى حلاله ويبعدونهم عن حرامه ، وإلى الأشخاص الذين يبغضهم الله ، لأنهم يقودون الناس إلى الحرام ويبعدونهم عن
__________________
(١) الكافي : ج : ١ ، ص : ٣٧٤ ، رواية : ١٠.
(٢) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ٩٦.