يحملونها على معناها الحرفي غير ملتفتين إلى أساليب البلاغة من الاستعارة والمجاز من خلال القرائن المتنوعة التي يحددها السياق العام للكلمة الذي قد يتحدث عن العمق المعنوي لا عن السطح المادي بطريقة الإيحاء.
وهذا هو الظاهر من كلمات الوزن والميزان والموازين التي تكررت في القرآن في مورد الحديث عن الأعمال بلحاظ النتائج المترتبة عليها في حساب ثواب الله وعقابه مما لا علاقة له بالحجم المادي للأشياء ، الذي لا مجال له في عالم الأعمال التي هي حركة الإنسان في الواقع مما لا وزن له في الحسابات العينية المادية.
ويشكل العدل المقياس الإلهي لتقدير أعمال الناس ونتائجها. وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بأكثر من أسلوب ، ومنه أسلوب الميزان الذي يمثل المقياس المادي في مقابلة الشيء بالشيء من دون زيادة أو نقصان.
ومن اللافت إصرار العلامة الطباطبائي على نظرية تجسّم الأعمال ، فيقول في ذيل الحديث عن الوزن والموازين قد تقدم البحث عن معنى تجسّم الأعمال ، وليس من الممتنع أن يتمثل الأعمال عند الحساب والعدل الإلهي القاضي فيها في صورة ميزان توزن به أمتعة الأعمال وسلعها لكن الرواية الواردة عن الامام الصادق في حديثه مع الزنديق لا تنفي ذلك ، وإنما تنفي كون الأعمال أجساما دنيوية محكومة بالجاذبية الأرضية التي تظهر فيها في صورة الثقل والخفة ، أولا. والإشكال مبنيّ على كون كيفية الوزن بوضع الحسنات في كفة من الميزان ، والسيئات في كفة أخرى ثم الوزن والمقياس ، وقد عرفت أن الآية بمعزل عن الدلالة ذلك أصلا ، ثانيا (١).
ونلاحظ على ذلك ، أنّ المسألة ليست مسألة الإمكان والاستحالة لنبحث عن توجيه للتجسيم في صورة ميزان توزن به امتعة الأعمال وسعيها ، بل
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ٧.