القيامة» (١).
ونلاحظ على هذه الرواية أولا : أنها ضعيفة السند لأنها مرفوعة ، فلم يتّصل السند بالإمام ، وثانيا : أنها مخالفة لظاهر القرآن بأن الجنة التي أسكن الله آدم فيها هي الجنة الموعودة بلحاظ السياق القرآني من جهة ، وتحذير بني آدم من الشيطان الذي أخرج أبويهم منها ، حتى لا يخرجهم منها أيضا بسبب وسوسته ، من ناحية أخرى ، مما يوحي بأن الجنة هي التي وعد المتقين بها ، لأنها هي التي تتناسب مع التحذير لهم حتى لا تتكرر التجربة ، ثم التعبير بقول الله تعالى : (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) دليل على ذلك.
ولعل الأقرب إلى جوّ القصة القرآنية ، أن الله سبحانه وتعالى أراد إقحام آدم عليهالسلام في تجربة واقعية تحدد له المعالم والخطوط العريضة ، لما يمكن أن يكون عليه من حياة هنيئة وسعيدة ، ولما يمكن أن يصبح عليه من حياة تعيسة ونكدة ، وذلك من خلال تجربة العلاقة مع إبليس الذي أريد له أن يرافق مسيرته وبنيه في الأرض في عملية وسواس وتزيين وإضلال ، لما من شأن الاستجابة له ، والوقوع في فخه ، أن يشكلا السبب للوقوع في معصية الله ، وولوج دائرة غضبه وسخطه ، في حين أن عدم الاستجابة له يشكل سببا لولوج دائرة رضوان الله تعالى ورحمته. وهكذا تصبح هذه التجربة درسا يستحضره آدم عليهالسلام دائما في حياته ليستقوي به في مواجهة إغواءات إبليس وسواه وبالتالي لنيل رضوان الله تعالى.
ثم ليتعرف بعض الأساليب المنحرفة التي لم يكن له عهد بها من قبل ، وهو أسلوب الكذب ، بطريقة القسم المغلّظ ، من قبل إبليس ، وهذا هو ما يوحي به الحديث المأثور عن الإمام الصادق عليهالسلام في رواية علي بن إبراهيم
__________________
(١) البحراني ، هاشم ، البرهان في تفسير القرآن ، دار الهادي ، بيروت ـ لبنان ، ط : ٤ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م ، ج : ٢ ، ص : ٥ ـ ٦.