الضرر الذي ألحقاه بنفسيهما من هذه الاندفاعة اللاشعورية نحو الأكل من الشجرة المحرمة بسبب وساوس الشيطان الذي أخبرهما الله عنه بأنه عدوّ مبين لهما منذ رفض السجود لآدم حسدا وتكبرا وطغيانا ، وأعلنا أنهما ظلما نفسيهما وطلبا الرحمة والمغفرة من الله حتى لا تكون الخسارة خسارة الذات في امتدادها في الحياة ، بل تكون خسارة الفرصة التي قد تتبدل بالربح في فرصة أخرى.
وقال لهما الله ، ولإبليس : إن الأمر قد حسم في قضاء الله وقدره في هبوط الجميع إلى الأرض ، فقد تمت التجربة وأخذ الإنسان الدرس العملي في موقفه من إبليس وعرف كيف يخطط الطريق للعودة إلى الجنة بالفكر والعمل ، من خلال نجاحه في الصراع المرير مع الشيطان الذي أعلن عداوته الحاقدة الحاسدة منذ البداية لإبعاده عن الله وعن الدخول في الجنة من جديد ، فما دام الله قد حرمه منها بسبب آدم ، فليكن الحرمان شاملا لآدم وذريته بما يخطط من وسائل ومكائد ووساوس وخداع ، وهكذا أراد الله لهم جميعا أن يهبطوا إلى الأرض ليعيش الإنسان الصراع المرير مع عدوه إبليس الذي يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ، وذلك بأن يعدهم ويمنيهم ، وما يعدهم إلا غرورا. وتبقى الأرض مستقرهم الطبيعي الذي خلقوا له وأريد لهم أن يتمتغوا؟ فيها إلى يوم القيامة في رحلة الحياة والموت والبعث.
وقال لهم الله : (قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
* * *