الحاسمة في يوم القيامة ، بينما تتمثل فيها كل معاني الجدّ والحركة والإيجابية عند ما تقترب من خط المسؤولية في وعي الإنسان لدوره الطبيعي في الحياة ، وبذلك لا يعود الإحساس بالآخرة غيبا فكريا يتحرك في أجواء الضباب ، بل يتحول في وعي المؤمن مشهدا متحركا يحمل في داخله كل خصائص الإنسان الحي على صعيد الواقع ، تماما كما لو كان يراه أو يسمعه أو يلمسه بيده.
وفي ضوء ذلك ، فإننا نتحرك مع هذه الأصول العقيدية في السورة ، من خلال الجوّ المميز للأسلوب القرآني الذي يربي لنا عقلنا ووجداننا ونظرتنا إلى الحياة ، ليجعل منها نظرة واقعية عملية بعيدا عن النظرة الخيالية التجريدية.
وفيما بين ذلك كله ، تتوالى اللمحات الفكرية ، واللمعات الروحية ، التي توحي للإنسان بالحركة في مسيرة حياته الخاصة والعامة عند ما يدعو إلى الله ، وعند ما يجاهد في سبيله ، وعند ما يواجه حالة الصراع الداخلي ضد نوازعه الشريرة ، كما تشير إليه بالمستوى الرفيع الذي ينبغي له أن يتطلع إليه في علاقته بالله ، وفي الحصول على رضوانه في الدنيا والآخرة ، وذلك من خلال ما يتحمّله من آلام المعاناة ، وما يواجهه من تحدّيات وعقبات في كل مراحل الصراع العنيف مع قوى الشر والكفر والطغيان ... وبذلك نقف مع خط العقيدة الذي لا يعيش في أبراج الفكر العاجية المترفة ، بل في تفاصيل الحياة اليومية للإنسان ، وفي خطوات الصراع المتحرك في جهاده ، وفي نبضات المشاعر الحارّة في عروقه ... وذلك هو سرّ التوحيد في إيحاءات الروح ، ومعنى الرسالة في انطلاقات الفكر ، وحركة القيامة في خط الالتزام ، ووحي الشريعة في خطوات الإنسان في الحياة ، حيث تلتقي القصة بالفكرة ، وتمتد الفكرة في وعي الشعور ، ويتحرك الشعور في رحلة الحياة ، لتتكوّن من ذلك كله ، القاعدة الفكرية والشعورية والعملية في بناء الشخصية الإسلامية ،