لها الإضافة بعد تمام وجودها وهويتها ، كالملك والربان والرئيس والأب وغير ذلك مما يعرض له الإضافة بعد تمام الذات فالإضافة التي من قبيل القسم الأول يزول بزوالها ذات المضافة بنفسها كهيولية الهيولى ، وكذا حكم نفسية النفس ، فيلزمهم بطلان جوهر النفوس ببطلان إضافاتها إلى البدن ، اللهم إلا أن يذهبوا إلى ما ذهبنا إليه من إثبات الحركة الجوهرية وإثبات الاشتداد في وجود الجوهر النفساني ، كما دلت عليه البراهين المذكورة في كتبنا ، والآيات القرآنية المذكورة آنفا ، والمتأخرون من الحكماء كأبي علي ومن يحذو حذوه مصرون غاية الإصرار في نفي هذه الاستحالة الجوهرية ، ولذلك قصروا وعجزوا عن إثبات كثير من المقاصد الحقة ، كحدوث الأجسام ودثور العالم الطبيعي كله ، وكاتحاد العاقل بالمعقول ، وكإثبات المعاد الجسماني ، وبقاء أكثر النفوس وهي الناقصة والمتوسطة في الكمال وغير ذلك من المطالب الشريفة التي من أوتيها (فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً).
أما الآيات الدالة على بقاء النفوس بعد خراب هذا البدن الطبيعي فكثيرة منها قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ، وكان المراد من هذه الحياة هي الحياة العقلية المختصة بالكاملين في العلم ، فإنهم الأحياء حياة عقلية ، الساكنون في حظيرة القدس عند ربهم المرزوقون بالأرزاق المعنوية والأنوار العقلية ، ويكون فرحهم أي ابتهاجهم ولذتهم العقلية بالحكمة لا بغيرها من اللذات الحسية والخيالية ، وقد وقع التعبير عن الحكمة بما آتاهم الله من فضله على وفاق قوله : (مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ، وقوله في سورة الجمعة بعد ذكر تعليم الكتاب والحكمة : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ، فعلم أن المراد هاهنا بما آتاهم الله من فضله هو بعينه المذكور في تينك الآيتين ، ومنها قوله : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) ، وقوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) ، وقوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) ، وقوله : (إِلى رَبِّكَ