إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ) الآية ، ووجه الوزن به أن يقال قولهم بنفي إنزال الوحي على البشر قول باطل للازدواج بين أصلين ، أحدهما أن موسى وعيسى بشر ، والثاني أنه منزل عليهما الكتاب ، فيبطل بها الدعوى العامة بأنه لا ينزل الكتاب على بشر أصلا.
الرابع ميزان التلازم وهو مستفاد من قوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ، وكذا من قوله : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) ، وأما حد هذا الميزان وروحه وعياره ، فهو أن من علم لزوم أمر لأمر آخر وعلم وجود الملزوم يعلم منه وجود اللازم ، وكذا لو علم نفي اللازم يعلم منه نفي الملزوم ، أما الاستعلام من وجود اللازم على وجود الملزوم أو من نفي الملزوم على نفي اللازم فهو ملحق بموازين الشيطان ، إذ ربما كان الملزوم أخص من لازمه.
الخامس ميزان التعاند أما موضعه من القرآن فهو قوله تعالى تعليما لنبيه ، (ص) (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ، ففيه إضمار أصل آخر لا محالة ، إذ ليس الغرض منه ثبوت التسوية بينه وبينهم ، وهو أنه معلوم أنا لسنا في ضلال مبين ، فيعلم من ازدواج هذين الأصلين نتيجة ضرورية وهي أنكم في ضلال مبين ، وأما حد هذا الميزان وعياره ، فكل ما انقسم إلى قسمين متباينين فيلزم من ثبوت أحدهما نفي الآخر وبالعكس ، لكن بشرط أن القسمة حاصرة لا منتشرة ، فالوزن بالقسمة الغير المنحصرة وزن الشيطان ، فهذه هي الموازين المستخرجة من القرآن وهي بالحقيقة سلاليم العروج إلى عالم السماء بل إلى معرفة خالق الأرض والسماء ، وهذه الأصول المذكورة فيها هي درجات السلاليم.
وأما المعراج الجسماني فلا يفي به سعة قوة كل أحد بل يختص ذلك بالقوة النبوية.
فإن قلت : فما وجه التطابق بين الميزان الروحاني والميزان الجسماني ، وأين في ميزان الآخرة العمود الواحد والكفتان ، وأين في