الانبعاث تأييدهم بالمعجزات (١) وعصمتهم (٢) من الموبقات من جملة الواجبات ، إذ لا بد من طريق للمستمع يسلكه ليعرف به صدق المدعي ، ولا بد من إزاحة العلل ؛ فلا يقع في التكليف تناقض.
والمعجزة : فعل خارق للعادة ، مقترن بالتّحدي ، سليم عن المعارضة ، يتنزل منزلة التصديق بالقول من حيث القرينة. وهو منقسم إلى خرق المعتاد ، وإلى إثبات غير المعتاد. والكرامات للأولياء حق ، وهي من وجه تصديق للأنبياء ، وتأكيد للمعجزات.
والإيمان والطاعة بتوفيق الله. والكفر والمعصية بخذلانه. والتوفيق عنده : خلق القدرة على الطاعة ، والخذلان عنده : خلق القدرة على المعصية. وعند بعض أصحابه : تيسير أسباب الخير هو التوفيق ، وبضده الخذلان. وما ورد به السمع من الإخبار عن الأمور الغائبة مثل : القلم ، واللوح ، والعرش ، والكرسي ، والجنة ، والنار ؛ فيجب إجراؤها على ظاهرها والإيمان بهما كما جاءت ، إذ لا استحالة في إثباتها. وما ورد من الأخبار عن الأمور المستقبلة في الآخرة مثل : سؤال القبر ، والثواب والعقاب فيه ، ومثل : الميزان ، والحساب ، والصراط ، وانقسام الفريقين : فريق في الجنة ، وفريق في السعير ، حق يجب الاعتراف بها وإجراؤها على ظاهرها ، إذ لا استحالة في وجودها.
والقرآن عنده معجزة من حيث : البلاغة والنظم ، والفصاحة ، إذ خيّر العرب بين السيف وبين المعارضة. فاختاروا أشد القسمين اختيار عجز عن المقابلة. ومن
__________________
(١) كإحياء الموتى وقلب العصا حيّة ، وإخراج ناقة من صخرة وكلام الشجر والجماد والحيوان ، ونبع الماء من بين الأصابع ... (راجع لباب التأويل ٢ : ٢٢١).
(٢) العصمة : ملكة اجتناب المعاصي مع التمكّن منها. أو هي قوّة يودعها الله في عبده ، تمنعه عن ارتكاب شيء من المعاصي والمكروهات مع بقاء الاختيار أو لطف من الله يحمل عبده على فعل الخير ويمنعه عن الشر.