ومن زنى ، وشرب ، وسرق غير مصرّ عليه فهو غير مشرك ، وغلظ على الناس في حد الخمر تغليظا شديدا.
ولما كاتب عبد الملك بن مروان وأعطاه الرضى ، نقم عليه أصحابه فيه. فاستتابوه فأظهر التوبة فتركوا النقمة عليه والتعرض له ، وندمت طائفة على هذه الاستتابة وقالوا : أخطأنا وما كان لنا أن نستتيب الإمام ، وما كان له أن يتوب باستتابتنا إياه. فتابوا من ذلك، وأظهروا الخطأ. وقالوا له : تب من توبتك ، وإلا نابذناك ، فتاب من توبته.
وفارقه أبو فديك وعطية. ووثب عليه أبو فديك فقتله ثم برئ أبو فديك من عطية ، وعطية من أبي فديك وأنفذ عبد الملك بن مروان : عمر بن عبيد الله بن معمر التميمي مع جيش إلى حرب أبي فديك فحاربه أياما فقتله ، ولحق عطية بأرض سجستان ، ويقال لأصحابه العطوية. ومن أصحابه : عبد الكريم بن عجرد زعيم العجاردة.
وربما قيل للنجدات : العاذرية ، لأنهم عذروا بالجهالات في أحكام الفروع. وحكى الكعبي عن النجدات : أن التقية جائزة في القول والعمل كله وإن كان في قتل النفوس قال : وأجمعت النّجدات على أنه لا حاجة للناس إلى إمام قط. وإنما عليهم أن يتناصفوا فيما بينهم. فإن هم رأوا أن ذلك لا يتم إلا بإمام يحملهم عليه فأقاموه جاز.
ثم افترقوا بعد نجدة إلى : عطوية (١) ، وفديكية (٢) ، وبرئ كل واحد منهما عن صاحبه بعد قتل نجده! وصارت الدار لأبي فديك إلا من تولى نجدة (٣) ، وأهل سجستان وخراسان وكرمان وقهستان من الخوارج على مذهب عطية.
__________________
(١) نسبة إلى عطية بن الأسود اليمامي الحنفي.
(٢) نسبة إلى أبي فديك الخارجي أحد بني قيس بن ثعلبة.
(٣) وهم فرقة من النجدات بعدوا عن اليمامة وكانوا بناحية البصرة شكوا فيما حكى من أحداث نجدة ، وتوقفوا في أمره وقالوا : لا ندري هل أحدث تلك الأحداث أم لا فلا نبرأ منه إلّا باليقين. (راجع الفرق بين الفرق ص ٩٠).