كان الحجاج طلبه أيام الوليد فهرب إلى المدينة ، فطلبه بها عثمان (١) بن حيان المرّي فظفر به وحبسه. وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله ، ففعل به ذلك.
وكفر أبو بيهس : إبراهيم (٢) ، وميمون (٣) في اختلافهما في بيع الأمة ، وكذلك كفر الواقفية (٤). وزعم أنه لا يسلم أحد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النبي صلىاللهعليهوسلم. والولاية لأولياء الله تعالى ، والبراءة من أعداء الله. فمن جملة ما ورد به الشرع وحكم به ما حرم الله وجاء به الوعيد ، فلا يسعه إلا معرفته بعينه ، وتفسيره والاحتراز عنه. ومنه ما ينبغي أن يعرف باسمه ، ولا يضره ألا يعرفه بتفسيره حتى يبتلى به. وعليه أن يقف عند ما لا يعلم ولا يأتي بشيء إلا بعلم. وبرئ أبو بيهس عن الواقفية لقولهم : إنا نقف فيمن واقع الحرام وهو لا يعلم أحلالا واقع أم حراما؟ قال : كان من حقه أن يعلم ذلك.
والإيمان : هو أن يعلم كل حق وباطل ؛ وأن الإيمان هو العلم بالقلب دون
__________________
(١) عثمان بن حيان المرّي. وفي التقريب بالزاي ونون المزني ، أبو المغراء الدمشقي ، مولى أم الدرداء ، استعمله الوليد على المدينة سنة ٩٣ ه وعرف بالجور وقد وصفه به عمر بن عبد العزيز. مات سنة ١٥٠ ه. (راجع تهذيب التهذيب ٧ : ١١٣ والتقريب ص ١٤١).
(٢) كان من الأباضية.
(٣) هو ميمون بن عمران وكان من الخوارج على مذهب العجاردة ثم خالفهم ورجع إلى مذهب القدرية .. ثم اختار من دين المجوس استحلال بنات البنات وبنات البنين وكان ينكر سورة يوسف ويقول إنها ليست من القرآن. (راجع التبصير ص ٨٣).
(٤) الواقفية : هم طائفة من الخوارج الأباضية. وقصّتهم أن رجلا من الأباضية اسمه إبراهيم أضاف جماعة من أهل مذهبه وكانت له جارية على مذهبه قال لها قدّمي شيئا فأبطأت فحلف ليبيعها من الأعراب وكان فيما بينهم رجل اسمه ميمون ، من العجاردة فقال له : تبيع جارية مؤمنة من قوم كفار؟ فقال : «وأحلّ الله البيع وحرم الربا» وعليه كان أصحابنا.
وطال الكلام بينهما حتى تبرأ كل واحد منهما من صاحبه وتوقف قوم منهم في كفرهما وكتبوا إلى علمائهم فرجع الجواب بجواز ذلك البيع وبوجوب التوبة على ميمون وعلى كل من توقف في نصر إبراهيم فمن هاهنا افترقوا ثلاث فرق : الإبراهيمية والميمونية والواقفية. (راجع التبصير ص ٣٥).