تتخلص الأجزاء من الأجزاء ، ويبطل الامتزاج ، وتنحل التراكيب ، ويصل كل إلى كله وعالمه، وذلك هو القيامة والمعاد.
قال : ومما يعين في التخليص والتمييز ، ورفع أجزاء النور : التسبيح ، والتقديس ، والكلام الطيب ، وأعمال البر ، فترتفع بذلك الأجزاء النورية في عمود الصبح إلى فلك القمر ، ولا يزال القمر يقبل ذلك من أول الشهر إلى نصفه فيمتلئ فيصير بدرا. ثم يؤدي إلى الشمس إلى آخر الشهر ، وتدفع الشمس إلى نور فوقها ، فيسري ذلك في العالم إلى أن يصل إلى النور الأعلى الخالص. ولا يزال يفعل ذلك حتى لا يبقى من أجزاء النور شيء في هذا العالم إلا قدر يسير منعقد ، لا تقدر الشمس والقمر على استصفائه ، فعند ذلك يرتفع الملك الذي يحمل الأرض ، ويدع الملك الذي يجذب السماوات ، فيسقط الأعلى على الأسفل. ثم توقد نار حتى يضطرم الأعلى والأسفل ، ولا تزال تضطرم حتى يتحلل ما فيها من النور ، وتكون مدة الاضطرام ألفا وأربعمائة وثمانيا وستين سنة.
وذكر الحكيم ماني في باب الألف من الجبلة الأولى ؛ وفي أول الشابرقان : أن ملك عالم النور في كل أرضه لا يخلو منه شيء ، وأنه ظاهر باطن ، وأنه لا نهاية له إلا من حيث تنهى أرضه إلى أرض عدوه. وقال أيضا : إن ملك عالم النور في سرة أرضه. وذكر أن المزاج القديم هو امتزاج الحرارة ، والبرودة والرطوبة ، واليبوسة. والمزاج المحدث هو : الخير ، والشر.
وقد فرض (١) ماني على أصحابه العشر في الأموال كلها ، والصلوات (٢) الأربع في اليوم والليلة. والدعاء إلى الحق ، وترك الكذب ، والقتل ، والسرقة ، والزنا والبخل ، والسحر ، وعبادة الأوثان ، وأن يأتي على ذي روح ما يكره أن يؤتى إليه بمثله.
واعتقاده في الشرائع والأنبياء : أن أول من بعث الله تعالى بالعلم والحكمة : آدم
__________________
(١) راجع هذه الفرائض في فهرست ابن النديم ص ٤٦٥.
(٢) راجع هذه الصلوات في فهرست ابن النديم ص ٤٦٥.