ومنها : إيواؤه عبد الله (١) بن سعد بن أبي سرح ، وكان رضيعه بعد أن أهدر النبي عليه الصلاة والسلام دمه ، وتوليته إياه مصر بأعمالها ، وتوليته عبد الله (٢) بن عامر البصرة حتى أحدث فيها ما أحدث ، إلى غير ذلك مما نقموا عليه ، وكان أمراء جنوده : معاوية بن أبي سفيان عامل الشام ، وسعد بن أبي وقّاص عامل الكوفة ، وبعده الوليد بن عقبة وسعيد بن العاص ، وعبد الله بن عامر عامل البصرة ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح عامل مصر ، وكلّهم خذلوه ورفضوه حتى أتى قدره عليه ، وقتل مظلوما في داره ، وثارت الفتنة من الظلم الذي جرى عليه ، ولم تسكن بعد.
* * *
* الخلاف العاشر : في زمان أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه بعد الاتفاق عليه وعقد البيعة له. فأوله : خروج طلحة والزبير إلى مكة ، ثم حمل عائشة إلى البصرة ، ثم نصب القتال معه ، ويعرف ذلك بحرب الجمل ، والحق أنهما رجعا وتابا ، إذ ذكّرهما أمرا فتذكّراه ، فأمّا الزبير فقتله ابن جرموز بقوس وقت الانصراف ، وهو في النار لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «بشّر قاتل ابن صفيّة بالنّار» ، وأمّا طلحة فرماه مروان بن الحكم بسهم وقت الإعراض (٣) فخرّ ميتا ، وأمّا عائشة رضي الله عنها فكانت محمولة على ما فعلت ، ثم تابت بعد ذلك ورجعت ، والخلاف بينه وبين معاوية ، وحرب صفين ، ومخالفة الخوارج ، وحمله على التحكيم ، ومغادرة عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري ، وبقاء الخلاف إلى وقت وفاته مشهور ،
__________________
(١) هو فاتح إفريقية وفارس بني عامر من أبطال الصحابة. كان من كتّاب الوحي للنبي صلىاللهعليهوسلم وكان على ميمنة عمرو بن أبي العاص حين افتتح مصر. وولي مصر سنة ٢٥ ه. بعد عمرو بن العاص ودانت له إفريقية كلّها. وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاع. مات بعسقلان فجأة وهو يصلي سنة ٣٧ ه / ٦٥٧ م. (راجع أسد الغابة ٣ : ١٧٣ ومعالم الإيمان ١ : ١١٠ ...).
(٢) هو أبو عبد الرحمن. أمير فاتح اشترى كثيرا من دور البصرة وهدمها فجعلها شارعا ، وكان محبا للعمران. توفي سنة ٥٩ ه / ٦٧٩ م. (راجع الأعلام ٤ : ٩٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ٢ : ٢٦٦).
(٣) وقت الإعراض : أي وقت اعتزاله الحرب.