كما ملئت جورا ، وغيرهم ساقوا الإمامة إلى الحسن العسكري ، (١) ثم قالوا بإمامة أخيه جعفر ، وقالوا بالتوقف عليه ، أو قالوا بالشك في حال محمد ولهم خبط طويل في سوق الإمامة ، والتوقف ، والقول بالرجعة بعد الموت ، والقول بالغيبة ، ثم بالرجعة بعد الغيبة.
فهذه جملة الاختلاف في الإمامة ، وسيأتي تفصيل ذلك عند ذكر المذاهب.
* * *
وأمّا الاختلافات في الأصول فحدثت في آخر أيام الصحابة بدعة معبد (٢) الجهني ، وغيلان الدمشقي (٣) ، ويونس (٤) الأسواري في القول بالقدر وإنكار إضافة الخير والشرّ إلى القدر ، ونسج على منوالهم واصل (٥) بن عطاء الغزّال ، وكان تلميذ الحسن (٦) البصري ، ............................
__________________
(١) هو ثامن الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. أحبه المأمون العباسي وزوجه ابنته وعهد إليه بالخلافة من بعده ولم تتم له. مات في عهده فدفنه إلى جانب أبيه الرشيد سنة ٢٠٣ ه / ٨١٨ م. (راجع ابن الأثير ٦ : ١١٩ والطبري ١٠ : ٢٥١).
(٢) هو محمد بن عبد الله بن عليم الجهني. أول من قال بالقدر في البصرة. خرج مع ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف فقتله الحجاج صبرا بعد أن عذّبه ، وقيل : صلبه عبد الملك بن مروان بدمشق على القول في القدر ثم قتله. توفي سنة ٨٠ ه / ٦٩٩ م. (راجع تهذيب التهذيب ١٠ : ٢٢٥ وميزان الاعتدال ٣ : ١٨٣).
(٣) هو غيلان بن مسلم الدمشقي ، أبو مروان تنسب إليه فرقة «الغيلانية» من القدرية. وهو ثاني من تكلّم في القدر بعد معبد الجهني. قيل : إنه تاب عن القول بالقدر على يد عمر بن عبد العزيز ثم جاهر بمذهبه بعد موت عمر فطلبه هشام بن عبد الملك وأحضر الأوزاعي لمناظرته فأفتى الأوزاعي بقتله فصلب على باب كيسان بدمشق. توفي بعد سنة ١٠٦ ه / بعد ٧٢٣ م. (راجع عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٣٤٥ ولسان الميزان ٤ : ٤٢٤).
(٤) هو من الأساورة النصارى واسمه يونس سنسويه ويعرف بالأسواري.
(٥) هو رأس المعتزلة ومن أئمة البلغاء والمتكلّمين. سمّي أصحابه بالمعتزلة لاعتزاله حلقة درس الحسن البصري. وهو الذي نشر مذهب «الاعتزال» في الآفاق توفي سنة ١٣١ ه / ٧٤٨ م. (راجع المقريزي ٢ : ٣٤٥ ووفيات الأعيان ٢ : ١٧٠ ومروج الذهب ٢ : ٢٩٨).
(٦) هو الحسن بن يسار البصري. كان إمام أهل البصرة وحبر الأمة في زمنه. وهو أحد العلماء الفقهاء. شبّ في كنف علي بن أبي طالب. وتوفي سنة ١١٠ ه / ٧٢٨ م. (راجع تهذيب التهذيب ووفيات الأعيان وميزان الاعتدال ١ : ٢٥٤).