ومنهم من ساق وقال بإمامة كل من هذا حاله في كل زمان ، وسيأتي فيما بعد تفصيل مذاهبهم ، وأمّا الإمامية فقالوا بإمامة محمد (١) بن عليّ الباقر نصّا عليه ، ثم بإمامة جعفر (٢) بن محمد الصادق وصية إليه ، ثم اختلفوا بعده في أولاده : من المنصوص عليه؟ وهم خمسة : محمد ، وإسماعيل ، وعبد الله ، وموسى ، وعليّ.
فمنهم من قال بإمامة محمد وهم العمارية ، ومنهم من قال بإمامة إسماعيل وأنكر موته في حياة أبيه وهم المباركية ، ومن هؤلاء من وقف عليه وقال برجعته. ومنهم من ساق الإمامة في أولاده نصا بعد نص إلى يومنا هذا ، وهم الإسماعيلية. ومنهم من قال بإمامة عبد الله الأفطح ، وقال برجعته بعد موته لأنه مات ولم يعقب ، ومنهم من قال بإمامة موسى (٣) نصا عليه إذ قال والده : سابعكم قائمكم ، ألّا وهو سمي صاحب التوراة.
ثم هؤلاء اختلفوا ، فمنهم من اقتصر عليه وقال برجعته ؛ إذ قال لم يمت هو ، ومنهم من توقّف في موته وهم الممطورة ، ومنهم من قطع بموته ، وساق الإمامة إلى ابنه عليّ بن موسى الرضا ، وهم القطعيّة.
ثم هؤلاء اختلفوا في كل ولد بعده ، فالاثنا عشرية ساقوا الإمامة من علي الرضا إلى ابنه محمد ، ثم إلى ابنه عليّ ، ثم إلى ابنه الحسن ، ثم إلى ابنه محمد القائم المنتظر الثاني عشر ، وقالوا : هو حي لم يمت ، ويرجع فيملأ الدنيا عدلا ،
__________________
(١) هو خامس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان ناسكا عابدا له في العلم وتفسير القرآن آراء وأقوال. توفي سنة ١١٤ ه / ٧٣٢ م. (راجع اليعقوبي ٣ : ٦٠ وصفوة الصفوة ٢ : ٦٠).
(٢) هو سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. له منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه أبو حنيفة ومالك. توفي سنة ١٤٨ ه / ٧٦٥ م. (راجع نزهة الجليس للموسوي ٢ : ٣٥ ووفيات الأعيان ١ : ١٠٥).
(٣) هو سابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. من كبار العلماء الأجواد أقدمه المهدي العباسي إلى بغداد. وبلغ الرشيد أن الناس يبايعون للكاظم فيها ، فلما حجّ الرشيد سنة ١٧٩ ه. احتمله معه إلى البصرة وحبسه عند واليها عيسى بن جعفر ثم نقله إلى بغداد فتوفي فيها سجينا ، وقيل : قتل. توفي سنة ١٨٣ ه / ٧٩٩ م. (راجع وفيات الأعيان ٢ : ١٣١ وابن خلدون ٤ : ١١٥).