أبي طالب ، وهؤلاء كلهم يقولون إن الدين طاعة رجل ، ويتأوّلون أحكام الشرع كلها على شخص معيّن كما ستأتي مذاهبهم.
وأمّا من لم يقل بالنص على محمد ابن الحنفيّة ، فقال بالنص على الحسن والحسين رضي الله عنهما ، وقال : لا إمامة في الأخوين إلّا الحسن والحسين رضي الله عنهما. ثم اختلفوا ، فمنهم من أجرى الإمامة في أولاد الحسن ، فقال بعده بإمامة ابنه الحسن (١) ، ثم ابنه عبد الله (٢) ، ثم ابنه محمد ، ثم أخيه إبراهيم الإمامين ، وقد خرجا في أيام المنصور فقتلا في أيامه ، ومن هؤلاء من يقول برجعة محمد الإمام ، ومنهم من أجرى الوصية في أولاد الحسين ، وقال بعده بإمامة ابنه عليّ (٣) بن الحسين زين العابدين نصا عليه ، ثم اختلفوا بعده ، فقالت الزيدية بإمامة ابنه زيد (٤).
ومذهبهم أن كل فاطمي خرج وهو عالم ، زاهد ، شجاع ، سخي : كان إماما واجب الاتباع ، وجوزوا رجوع الإمامة إلى أولاد الحسن ، ثم منهم من وقف وقال بالرجعة.
__________________
(١) هو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو محمد الهاشمي : كبير الطالبيين في عهده. كان وصيّ أبيه ووليّ صدقة جدّه. كان عبد الملك بن مروان يهابه. إقامته ووفاته في المدينة. توفي نحو سنة ٩٠ ه / نحو ٧٠٨ م. (راجع تهذيب ابن عساكر ٤ : ١٦٢).
(٢) هو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب من أهل المدينة. قال الطبري : كان ذا عارضة وهيبة ولسان وشرف. وكانت له منزلة عند عمر بن عبد العزيز. حبسه المنصور عدة سنوات من أجل ابنيه محمد وإبراهيم ، ونقله إلى الكوفة فمات سجينا فيها كما حقّقه الخطيب البغدادي. (راجع الإصابة ت ٦٥٨٧ وتاريخ بغداد ٩ : ٤٣١).
(٣) هو رابع الأئمة الاثني عشر عند الإماميّة. أحصي بعد موته عدد من كان يقوتهم سرا فكانوا نحو مائة بيت. يضرب به المثل في الحلم والورع. توفي سنة ٩٤ ه / ٧١٢ م. (راجع وفيات الأعيان ١ : ٣٢٠ وابن سعد ٥ : ١٥٦ ونزهة الجليس ٢ : ١٥).
(٤) يقال له «زيد الشهيد». قال أبو حنيفة : ما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أسرع جوابا ولا أبين قولا. قتل في معركة مع الحكم بن الصلت بأمر من عامل العراق يوسف بن عمر الثقفي سنة ١٢٢ ه / ٧٤٠ م. (راجع مقاتل الطالبيين طبعة الحلبي وتاريخ الكوفة ٣٢٧).