دفعة واحدة ، إلا أنه قال : متى صارت التوبة إلى البهيمية ارتفعت التكاليف أيضا ، وصارت التوبتان. عالم الجزاء.
ومن مذهبهما أن الديار خمس :
داران للثواب ، إحداهما فيها أكل وشرب وبعال (١) ، وجنات وأنهار.
والثانية : دار فوق هذه الدار ليس فيها أكل ولا شرب ولا بعال ، بل ملاذ روحانية وروح وريحان ، غير جسمانية.
والثالثة : دار العقاب المحض ، وهي نار جهنم ، ليس فيها ترتيب ، بل هي على نمط التساوي.
والرابعة : دار الابتداء التي خلق الخلق فيها قبل أن يهبطوا إلى دار الدنيا ، وهي الجنة الأولى.
والخامسة : دار الابتلاء ، وهي التي كلف الخلق فيها بعد أن اجترحوا في الأولى ، وهذا التكوين والتكرير لا يزال في الدنيا حتى يمتلئ المكيالان : مكيال الخير ، ومكيال الشر. فإذا امتلأ مكيال الخير صار العمل كله طاعة ، والمطيع خيّرا خالصا ، فينقل إلى الجنة ، ولم يلبث طرفة عين ، فإن مطل الغنى ظلم. وفي الحديث : «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه».
وإذا امتلأ مكيال الشر صار العمل كله معصية ، والعاصي شريرا محضا ، فينقل إلى النار. ولم يلبث طرفة عين ، وذلك قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٢).
البدعة الثالثة : حملهما كل ما ورد في الخبر من رؤية الباري تعالى مثل قوله عليه الصلاة والسلام : «إنّكم سترون ربّكم يوم القيامة ، كما ترون القمر ليلة البدر ،
__________________
(١) البعال : الجماع وملاعبة الرجل أهله كالتباعل والمباعلة.
(٢) سورة الأعراف : الآية ٣٤.