وأمّا استحقاق الذمّ فقد يقال : الأثر يستحقّ المؤثّر بمعنى افتقاره إليه لذاته ، والمالك يستحقّ الانتفاع بملكه بمعنى أنّه يحسن منه ذلك الانتفاع.
والأوّل ظاهر الفساد ، والثاني يقتضي الدور ، والذمّ قول ، أو فعل ، أو ترك قول ، أو ترك فعل ينبئ عن اتّضاع حال الغير.
فإن عنيت بالاتّضاع ما ينفر الطبع عنه ، لم يتحقّق في حقّه تعالى حسن ولا قبح ، لانتفاء النفرة الطبيعيّة عنه ، وإن عنيت غيره فبيّنه.
والجواب : منع الحصر ، فإنّ المراد بقولنا : «ليس له أن يفعله» أي من حيث الحكمة لما يتبعه من الذّمّ ، وكذا يمنع الحصر في تغير الاستحقاق ، فإنّ المراد به هنا الطلب والاستحباب ، والاتّضاع انخفاض المنزلة.
وأمّا الأشاعرة فإنّهم يقولون : الفعل لا يوصف بحسن ولا قبح بذاته (١) بل باعتبارات خمسة إضافيّة غير حقيقيّة :
الأوّل : الحسن يقال على ما وافق الغرض ، والقبح على ما خالفه.
الثاني : الحسن على ما أمر الشارع بالثناء على فاعله ، والقبح على ما أمر بذمّ فاعله.
الثالث : الحسن على ما لا حرج في فعله ، والقبح مقابله.
الرابع : القبيح المنهيّ عنه شرعا ، والحسن ما لا نهي عنه شرعا ، فيندرج فيه أفعال الله تعالى ، وأفعال المكلّفين الواجبة والمندوبة والمباحة وأفعال السّاهي والنائم والبهائم.
__________________
(١) في «ب» و «ج» : لذاته.