وهو غير جامع ، لأنّ الرّخصة كما تكون بالفعل تكون بتركه ، كإسقاط صوم رمضان ، والركعتين عن المسافر.
والأقرب أن يقال : الرّخصة ما شرع من الأحكام لعذر مع قيام السبب المحرّم ، ليعمّ النّفي والإثبات معا ، فمباح الأصل كالأكل والشرب لا يسمّى رخصة ، وما لم يوجبه الله تعالى علينا من صوم شوّال وصلاة النافلة لا يسمّى رخصة ، ويسمّى تناول الميتة رخصة ، وكذا سقوط الصوم عن المسافر وسقوط الركعتين.
ثمّ الّذي يجوز فعله مع قيام المقتضي للمنع قد يجب ، كأكل الميتة عند خوف التلف ، وقد لا يجب كترك كلمة الكفر عند الإكراه.
واعلم أنّ اسم الرخصة يطلق حقيقة ومجازا.
فالأوّل إباحة النطق بكلمة الكفر بسبب الإكراه ، وإباحة شرب الخمر للمتغصّص بلقمة لا يسيغها إلّا الخمر.
والثاني بعيد عن الحقيقة ، كتسمية ما سقط عنا من أثقال الملل المنسوخة (١) رخصة ، وما لم يوجب علينا ولا على غيرنا لا يسمّى رخصة ، وذلك لأنّه لما وجب على غيرنا فإذا قابلنا أنفسنا به حسن إطلاق اسم الرخصة عليه ، فإنّ الإيجاب على غيرنا ليس تضييقا في حقّنا ، والرّخصة [فسحة] في مقابل التضييق.
__________________
(١) في المستصفى : ١ / ١٨٥ مكان العبارة : «فتسمية ما حطّ عنّا من الإصر والأغلال الّتي وجبت على من قبلنا في الملل المنسوخة.